بقلم : عمرو الشوبكي
طويت ورقة مرسى وعودة الشرعية، ولم يعد خطاب مرسى رئيسى له محل من الإعراب بعد أن توفى الرجل وأصبح بين يدى الله، عندها يجب أن يقول الجميع رحمه الله وغفر له.
رحل محمد مرسى وطويت صفحة الرئيس السابق، وبقى كتاب الإخوان المسلمين الممتد معنا منذ عام 1928 كجماعة ظل وجودها امتدادًا لأزمة هذه البلدة، فهى لم تواجه النظام الحالى فقط، إنما واجهت مبارك والسادات وعبدالناصر والنظام الملكى، فلو كان الوضع الحالى سيئًا، وعهدا مبارك وعبدالناصر سيئين، فلماذا الصدام مع السادات وقبلها النظام الملكى؟.
لقد اصطدم الإخوان بكل نظمنا السياسية وتقريبا بكل القوى السياسية، دون أن يراجعوا أنفسهم لمرة واحدة، ليبحثوا مكامن الخلل الجسيم فى بنية الجماعة وفى خلطها الدين بالسياسة، إنما ظلت دائما تعيش على خطاب المحنة والبلاء والمظلومية، وهو ما ستعيد تكراره مرة أخرى عقب وفاة مرسى.
كراهية الجماعة للمجتمع، وموقفها العدائى من كل النخب المدنية والعسكرية، وربما من تاريخ البلد، جعلها لم تستفد لمرة واحدة من أخطاء كل النظم الحاكمة فى مصر جمهورية أو ملكية.
وفاة مرسى وفاة طبيعية فى ساحة المحكمة، ولم تكن نتيجة تعذيب، حتى لو خرجت تقارير حقوقية تنتقد ظروف حبسه، أو أدان الإخوان كل يوم النظام المصرى وحمّلوه مسؤولية وفاته، فذلك جزء من لعبة التوظيف السياسى للحدث ولا علاقة لها بظروف وفاة الرجل.
وبعيدًا عن ظروف وفاته، فإن هناك أزمة فى ملف حقوق الإنسان، ولابد أن يفتح هذا الملف تجاه الجميع مهما كان توجههم السياسى، فشروط المحاكمة العادلة ليست موائمة «ولا تطبطب» على للإرهابيين كما يروّج الخطاب الذى بات لا يسمعه أحد فى الداخل والخارج.
فالعدالة والكرامة الإنسانية ودولة القانون ليست رفاهية، وليست تفصيلًا لتيار على حساب آخر مثلما تفعل الجماعة التى لم تضبط متلبسة فى الدفاع عن شخص ينتمى لتيار آخر.
وفاة مرسى كاشفة أن الانقسام المجتمعى وخطاب الكراهية والتحريض والشماتة فى الموت والمصائب أصبحت مستخدمة لدى الجميع، حتى لو وضع بذرته الأولى الإخوان المسلمون، فهم من ابتدعوا لفظ الهالك، وشمتوا فى موت شعراء وفنانين وسياسيين لمجرد أنهم خالفوهم الرأى.. وللأسف، تكرر نفس المشهد من مؤيدى كل العصور، وكرروا نفس الخطاب المتدنى للجماعة.
رحيل مرسى كشف أن المجتمع المصرى لم يتعاف من خطاب التحريض وحالة الاحتقان والانقسام الداخلى.. ويبقى السؤال الذى يتناساه الإخوان حين يحمّلون التيارات المدنية مسؤولية تدخل الجيش فى 3 يوليو: هل الطريقة التى ظهروا بها عقب وفاة مرسى تدفع مخالفيهم فى الرأى (وهم غالبية الناس منهم المؤيد والمعارض) إلى قبول وجودهم فى الساحة السياسية أم أنها تدفعهم إلى قبول أى نظام مهما كان سيئًا إلا الإخوان؟!.