توقيت القاهرة المحلي 12:40:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القوة الروسية الناعمة

  مصر اليوم -

القوة الروسية الناعمة

بقلم: عمرو الشوبكي

تساءل الكثيرون عن أسباب غياب القوى الناعمة الروسية التي كان يمكنها أن تستقطب شعوب أوروبا الشرقية إلى معسكرها وتعيد صياغة تحالفاتها عبر أدوات ناعمة غير الأدوات الخشنة التي استخدمتها في أوكرانيا.

صحيح أن روسيا نجحت في ضم إقليم القرم عبر استفتاء شعبى في 2014، واختار الناس بمحض إرادتهم أن يكونوا جزءًا من الاتحاد الروسى، كما ارتبطت روسيا ثقافيًا بقطاع كبير من سكان منطقة «دونباس» المتنازع عليها بين الانفصاليين والقوات الأوكرانية، وفيما عدا ذلك فقد اختار أغلب الشعب الأوكرانى الخروج من العباءة الروسية والاستقلال عنها، وهو أمر مقبول، ولكنه يختلف عن الاستراتيجية التي اتبعتها الحكومة الأوكرانية وقامت على استفزاز روسيا بالسعى نحو الانضمام لحلف الناتو ونشر أسلحة استراتيجية على حدودها.

ورغم أن روسيا قوة عظمى ولديها ثالث أكبر ترسانة عسكرية في العالم، إلا أن قوتها الناعمة تراجعت ولم تعد تحمل نفس البريق الأيديولوجى الذي تمتعت به أثناء الحقبة الاشتراكية، ولم تؤسس مثل الصين نموذجًا صناعيًا وتكنولوجيًا امتد تأثيره إلى إفريقيا ودول كثيرة.

مشكلة التدخل العسكرى الروسى في أوكرانيا أنه رغم وجود مبررات قوية له، نتيجة شعور روسيا بتهديد أمنها القومى من قبل أوكرانيا، إلا أن عدم قدرتها على استخدام أي أدوات أخرى للتأثير في القيادة الأوكرانية وأغلب المجتمع يجعل من الصعب الاعتماد فقط على القوة العسكرية من أجل الحصول على المكانة الدولية.

فمثلًا الغزو الأمريكى للعراق في 2003 لم يكن مجرد تدخل عسكرى «شارد»، إنما كان جزءًا من مشروع أمريكى أراد إعادة صياغة المنطقة العربية على أسس جديدة تقوم على هدم الدولة الوطنية وبناء أخرى تكون جزءًا من الاستراتيجية الأمريكية. إن الغطاء السياسى لأى تحرك عسكرى خارج الحدود أمر بديهى، ولم يحدث لأى دولة أن حركت جنديًا واحدًا أو قامت بتدخل عسكرى دون أن تمتلك غطاءً سياسيًا بالحق أو بالباطل، فأمريكا غزت العراق وقدمت واحدًا من أفشل مشاريع التغيير السياسى في العالم تحت غطاء بناء الديمقراطية وإسقاط الدول الاستبدادية، وكذلك الاتحاد السوفيتى حين تدخل في كل بقاع الأرض من أجل الدفاع عن الشيوعية، وإيران تدخلت في عالمنا العربى تحت غطاء الدفاع عن المستضعفين ونشر مبادئ الثورة الإسلامية، وعبدالناصر تدخل في دول عربية وإفريقية من أجل الاستقلال والتحرر الوطنى ومواجهة الاستعمار.

والسؤال المطروح: هل تستطيع روسيا أن تقدم مشروعًا سياسيًا لأوكرانيا، أم ستكتفى بالتدخل المسلح؟.. الإجابة كما هو واضح مازالت الثانية، ومع ذلك سيبقى أمام روسيا فرصة لكى تكون لها رسالة سياسية تدافع فيها عن نظام دولى متعدد الأقطاب، وأن تراجع صورة الدولة القمعية وتحارب الفساد الداخلى ولا تستسهل استخدام القوة المسلحة، وهذا لن يتم إلا بتعزيز قوتها الناعمة وصورة نموذجها السياسى

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القوة الروسية الناعمة القوة الروسية الناعمة



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 12:22 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

عمرو دياب يتألّق عند سفح أهرامات الجيزة
  مصر اليوم - عمرو دياب يتألّق عند سفح أهرامات الجيزة

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 01:08 2020 الأحد ,19 تموز / يوليو

طريقة عمل الشكشوكة التونسية

GMT 22:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

أستون فيلا ينهار في ١١٤ ثانية أمام تشيلسي

GMT 23:30 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

السودان تسجل 215 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon