بقلم : عمرو الشوبكي
ظم مركز الأبحاث البريطانى الشهير Chatham House ورشة عمل فى مدينة الدار البيضاء المغربية عن تحديات التعاون والاندماج الاقتصادى فى شمال إفريقيا، وشارك فيها باحثون من مصر والمغرب وتونس والجزائر.
النقاش فى الندوة كان عاديا وذا طابع اقتصادى أكثر منه سياسى وإن كان هناك وجهة نظر سائدة خاصة بين باحثى المغرب والجزائر بأن التعاون الاقتصادى فى دول المغرب العربى قد توقف بسبب سوء العلاقات السياسية بين البلدين.
ولأن الورشة كانت على مدار يوم ونصف قد أتيح لى فى يوم الوصول واليوم الأخير فرصة اكتشاف المدينة الأخرى أو المدينة الوحيدة فى المغرب التى يمكن وصفها بأنها مدينة أقرب لإيقاع المدن المصرية (القاهرة والإسكندرية) من حيث الزحام، وبها قدر محسوب من الفوضى وقدر أكبر من الضجيج وهى مدينة ساهرة بكل معنى الكلمة.
وقد حافظ المغرب على تراثه المعمارى فى كل مدنه باستثناء ربما الدار البيضاء ففيها تجد الأبراج الشاهقة، وكثير منها لا يحمل أى جمال على عكس ما يمكن أن تشاهده فى مراكش وفاس (كلاهما من أجمل المدن العربية) من تنظيم معمارى ومن شوارع نظيفة ومنظمة ومن احترام للتراث المعمارى القديم وحرصه على تجديده لا هدمه.
اللافت فى المدن المغربية هو الحرص الدائم على الاحتفاظ بالطابع القديم فيما يعرف بالمدينة العتيقة، حيث يتم تجديد منازلها وشوارعها وتصبح هى المقصد الرئيسى للسياح أى أن النظرة السائدة فى المغرب هى عدم اعتبار القديم والتاريخى عبأ يجب التخلص منه على طريقة ثقافة المقاولات، إنما يتم الحفاظ عليه وتجديده، وحتى بمعيار «البيزنس» فهو مصدر جذب للسياح من كل مكان.
المغرب مثل مصر لا يمكن أن يكون دبى، وجانب كبير من سحرهما هو فى تاريخهما العريق وبات «فرض عين» الحفاظ عليه.
سحر الدار البيضاء أو كازابلانكا (يكتفى المغاربة بتسميتها كازا) فى أنها مدينة بحر أبيض متوسط عالمية فيها جاليات أجنبية وعربية وإفريقية من كل الجنسيات ويعيش فيها 8 ملايين شخص، وهو يجعلها أكبر مدينة على البحر الأبيض المتوسط.
صحيح أن الإسكندرية فى أربعينيات القرن الماضى كانت مدينة عالمية، لكن سكانها كانوا إما من المصريين أو من الأجانب أو الشوام وغاب الأفارقة عنها، أما فى الدار البيضاء فهى مدينة يعيش فيها عاملون ومهاجرون أفارقة بشكل طبيعى جنبا إلى جنب مع كل الجنسيات.
مسجد الملك الراحل الحسن الثانى الواقع على البحر مباشرة تحفة معمارية رائعة أتيحت لنا فرصة زياراته وصار من معالم المدينة.
سحر الدار البيضاء خاص وهو خليط من سحر المغرب مع إيقاع المدن المصرية الكبرى.