بقلم : عمرو الشوبكي
انتهت الجولة 13 من مفاوضات الأستانا حول الوضع فى سورية، بمشاركة الأطراف الفاعلة فى الأزمة السورية، وهى روسيا وتركيا وإيران، بجانب وفدى الحكومة والمعارضة السورية، وغاب العرب، حتى لو حضر الوفدان العراقى واللبنانى بصفة مراقب.
اللافت أن كل ما يتعلق بالتسوية فى سوريا نوقش فى ظل وجود ممثلين من كل دول العالم ما عدا العرب، بل إن رعاة الحرب فى سوريا حضروا جميعا ما عدا العرب أيضا (رغم أن بعضهم دعم فصائل إرهابية وتكفيرية فى سوريا)، فحضرت تركيا الداعم الإقليمى الأول للمعارضة السورية، وهناك رعاة النظام السورى لأسباب ودوافع مختلفة، أى روسيا وايران، الأولى لحسابات دولية وإقليمية تتعلق بصراعها على مناطق النفوذ مع أمريكا، والثانية لاعتبارات إقليمية تتعلق بحرص إيران على أن تصبح سوريا إحدى أذرعها فى المنطقة.
وقد تضمن البيان الختامى إعلان كافة الأطراف عن التزامها بوقف إطلاق النار فى إدلب، واشترط النظام ضرورة أن تسحب الفصائل المسلحة المدعومة تركيًا سلاحها الثقيل من داخل المدينة المحاصرة مثلما جاء فى التفاهمات السابقة، كما شدد البيان على شعاره المتكرر بأن الأزمة فى سوريا حلها سياسى وليس عسكريًا، وهو الشعار الذى ترفعه كل الأطراف الدولية والمحلية دون أن تنجزه على أرض الواقع.
ورغم أن هذه الجولة لم تنجح مثل سابقتها فى تقديم حلول ناجعة للأزمة السورية، والتوصل إلى قرارات حول الملفات الأساسية، وتم ترحيل ملفّ تشكيل لجنة صياغة الدستور إلى اجتماع آخر إلا إن اللافت هو هيمنة روسيا وشركائها الإقليميين على الملف السورى وتراجع واشنطن عن التأثير فى المعادلة السورية، وهذا يرجع فى الحقيقة إلى ارتباك الخطط الأمريكية تجاه المنطقة وضعفها.
والحقيقة أن الغياب الأمريكى يرجع إلى عجز إدارة أوباما عن الدفاع عن رؤيتها (بصرف النظر عن صحتها) فقد تبنت فى البداية استراتيجية إسقاط النظام وعجزت عن تنفيذها على أرض الواقع، عقب خسارة كل من الفصائل المسلحة المدعومة أمريكيا والجماعات التكفيرية المدعومة عربيا وإقليميا الحرب فى مواجهه النظام، والأهم أن أمريكا فشلت فى إحداث أى تغيير من داخل النظام بإقصاء بشار الأسد والحفاظ على الدولة، وهو المشروع الذى كان قريبا من النجاح لو كانت أمريكا ومعها القوى الإقليمية والدولية وضعته على سلم أولوياتها، بدلا من دعم التغيير عبر القوى المسلحة الذى دمر سوريا وقضى على الجانب المدنى فى ثورتها.
أمريكا غابت مع أوباما وتعمقت غيبتها مع ترامب الرجل الذى ربط الحضور السياسى والعسكرى بالصفقات التاجرية وبالدفع أولًا.
نعم فشل مشروع أمريكا فى سوريا مثلما فشل فى مناطق كثيرة، وحضر المشروع الروسى وشركاؤه الإقليميون فهل ستنجح روسيا فى إخراج سوريا من محنتها؟.. لم تنجح حتى هذه اللحظة.