توقيت القاهرة المحلي 13:36:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هنا فاس «2-2»

  مصر اليوم -

هنا فاس «22»

بقلم عمرو الشوبكي

مدينة فاس هى واحدة من أجمل وأعرق المدن المغربية، وهى مدينة عتيقة (الوصف المغربى لقلب المدنية) محاطة بأسوار تفصل القديم عن الحديث، ولا يمكن أن تجد مبنى واحدا جديدا فى المدينة القديمة التى تجاوز عمرها أكثر من 500 عام.

الدعوة كانت من جامعة سيدى محمد بن عبدالله، أى جامعة فاس، وتحديداً من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وهى كليه قوامها أو شعبتها الرئيسية هى كلية الحقوق التى نظمت الندوة بعنوان: «اللامركزية والدولة فى المنطقة العربية» وقدمت فيها ورقة بحثية بعنوان «بناء اللامركزية فى ظل نظام مركزى».

نزلنا فى أحد الفنادق فى قلب المدينة العتيقة والذى يسمى «الرياض» وهو قريب من بيوت القاهرة القديمة فى منطقة الحسين وإن كان يغلب على معماره الطابع الأندلسى الشهير، أما المطبخ المغربى فهو الأكثر ثراء وتنوعا فى العالم العربى.

ثلاثة مشاهد يمكن أن أقدمها للقارئ عن هذه الرحلة: الأول بدأ حين دخلنا الحرم الجامعى فلم نجد فرد أمن واحدا يقف على أبواب الجامعة يسأل من يريد الدخول عن هويته وهو أمر مدهش إذا قارناه بحال معظم الجامعات فى العالم العربى، خاصة مصر، لدرجة أنى سألت بعض الأساتذة المغاربة عن هذا الموضوع، فقال المؤيدون إن هذا هو دليل ديمقراطية البلد والسياسة الحكيمة لجلالة الملك فى الحوار مع الطلاب واستيعابهم، فى حين قال المعارضون إن فاس ضمت تاريخيا التيار الرئيسى للمعارضة، وهو ما جعل السلطة غير قادرة على فرض قمع أمنى مباشر على الطلاب.. وأياً كانت صحة الرأيين فإننا فى النهاية دخلنا جامعة بلا أى حراسة أمنية.

وأثناء أعمال الندوة وقف ما يقرب من 100 طالب أمام مدخل كلية الحقوق وهم يرفعون شعارات تطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين وظلوا لمدة ساعتين يهتفون ثم انصرفوا بهدوء، وسألت عميد الكلية د. عبدالعزيز الصقلى عن هؤلاء المعتقلين فأكد أنهم ليسوا معتقلين سياسيين إنما هم ارتكبوا جرائم عنف وأن هذه الشريحة التى تمثل أقل من واحد من الألف من الطلاب وتنتمى لليسار المتطرف «نتحاور معها ولا نصل لحلول».

وبعيدا عن موقف الطرفين، فسيبقى النجاح فى وجود منظومة سمحت للطلاب الذين تراهم الدولة «متطرفين» أن يتظاهروا وينصرفوا بسلمية.

أما المشهد الثانى فكان المعلومة الهامة التى ذكرها لى على العشاء عميد كلية الحقوق فى المغرب، فقد أخبرنى الرجل أن التعليم الجامعى مجانى فى كل الجامعات المغربية، وأن هناك شعبتين فى الكلية: الأولى باللغة العربية والأخرى بالفرنسية، فقلت له: وكم مصاريف الشعبة الفرنسية (مثلما هو الحال فى مصر) فقال هى مجانية أيضا فتوقعت فى بلد «فرانكفونى» مثل المغرب أن تستقطب الشعبة الفرنسية خاصة أنها بلا مقابل مادى أغلب الطلاب، ففاجأنى وقال إن نسبة الطلاب الملتحقين بالشعبة العربى تقترب من 90% والباقى فى القسم الفرنسى، ولم أخف سعادتى بهذا الخبر، رغم أن العميد كان خريج القسم الفرنسى.

أما المشهد أو النقاش الثالث فكان يتعلق بواقعة موت بائع السمك المغربى محسن فكرى، ولأن طاولة العشاء يمكن وصفها بأنها كانت محافظة سياسيا، وضمت بجانب العميد قاضية مغربية رصينة وأخرى فى القضاء الإدارى التونسى ونائب عميد كلية الحقوق وكاتب هذه السطور، الجميع اعتبروا أن رد الفعل على هذا الحادث مبالغ فيه وأنه من غير المؤكد أن تكون الشرطة قتلته، فى حين اعتبرت من جانبى أن هذا دليل حيوية المجتمع المغربى الذى لم يتسامح مع «طحن» شاب كادح بهذه الطريقة الوحشية بصرف النظر عن الملابسات، وأن تشهد 40 مدينة مغربية احتجاجات واسعة بهذه الطريقة لا يسقط فيها قتيل واحد، وتتسم جميعها بالسلمية وتتسامح السلطة مع بعض الشعارات التى رفعت ولو استثناء مثل: «محسن مات مقتول والمخزن (المقصود السلطة الملكية) هو المسؤول»، كل هذا دليل على أننا فى بلد نجح فى أن يستوعب صراعاته وتنوعاته بأكثر من وسيلة وآخرها الوسيلة الأمنية، فتقدم رغم مشاكله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هنا فاس «22» هنا فاس «22»



GMT 02:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:31 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

GMT 07:42 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

GMT 05:04 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ
  مصر اليوم - أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 09:29 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عن عمر يناهز 100 عام
  مصر اليوم - وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عن عمر يناهز 100 عام

GMT 10:26 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

نصائح يجب اتباعها عند شراء السجاد
  مصر اليوم - نصائح يجب اتباعها عند شراء السجاد

GMT 13:10 2020 الجمعة ,31 تموز / يوليو

بلاغ ضد مي محمد فتاة التيك توك الجديدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon