توقيت القاهرة المحلي 14:30:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أفغانستان وأوكرانيا

  مصر اليوم -

أفغانستان وأوكرانيا

بقلم: عمرو الشوبكي

الاتهام الذى رفعه الكثيرون فى حق النخب الحاكمة فى أفغانستان وأوكرانيا يكاد يكون واحدًا، حيث اعتبروها نخبًا مُصنَّعة غربيًّا، وفرضتها الولايات المتحدة بطرق مختلفة على شعوبها.هذه المقولة- أو الاتهام- ليست بعيدة عن الحقيقة، ولكنها أنتجت ليس فقط نظامين مختلفين، إنما الأهم أداء مختلف، بالنسبة للنظام الذى زرعته أمريكا فى أفغانستان منذ 20 عامًا، والنظام الذى قيل إنها زرعته فى أوكرانيا عقب ثورتها البرتقالية.

والحقيقة أن جملة تصنيع النخب خارج الحدود لا تفسر لنا الفروقات الجوهرية بينها، وكيف أن النخبة والمؤسسات التى استثمرت فيها الولايات المتحدة فى أفغانستان على مدار عشرين عامًا أنتجت جيشًا استسلم، فى أيام، أمام «طالبان»، رغم أنه كان أقوى منها عددًا وعتادًا، ورئيسًا: أشرف غنى، هرب بالأموال، فى حين أنها أنتجت فى حالة أوكرانيا جيشًا صمد ويحارب ورئيسًا: «زيلينسكى» بقى وسط شعبه ولم يفر.

صحيح أن فى أفغانستان كانت المواجهة مع قوى محلية هى حركة طالبان وليس غزوًا خارجيًّا، إنما النتيجة تقول إن جهود أمريكا المستميتة من أجل تصنيع نخبة موالية لها على مدار عقدين قد فشلت، وهو عكس التجربة الأوكرانية التى من المؤكد أن الدعم الغربى والأمريكى يمثل أحد الأسباب الرئيسية وراء صمودها، ولكن السبب الأهم هو شعور جزء كبير من الشعب الأوكرانى أنهم جزء من القيم الغربية والأوروبية وأنهم يرفضون الالتحاق بروسيا، مثلما يشعر الغالبية العظمى من سكان «إقليم القرم» بانتمائهم إلى روسيا ويقاتلون مع جيشها.

تصنيع نخبة غربيًّا لا ترفضه فقط معايير السيادة الوطنية، إنما أيضًا البيئة الحضارية والثقافية والسياسية التى توجد فيها هذه النخب، فإذا كانت البلاد الأوروبية تعتبر نفسها جزءًا من القيم الغربية، أى أن المصنع الذى «يصدرها» هم شركاء فيه، فهذا ما جعل الدعم الأمريكى والغربى لكل دول أوروبا الشرقية من أجل التخلص من النظام الشيوعى وبناء نخبة جديدة ينجح لأنه عبّر عن قناعات أغلب الناس.

أما فى المجتمعات العربية والإسلامية وبلدان أمريكا الجنوبية والصين وروسيا والبلدان المرتبطة بها ثقافيًّا وسياسيًّا، فإن الأمر يتعدى مفهوم السيادة الوطنية ورفض التدخل الخارجى ليصل إلى قناعة المجتمع (وكما أكد الواقع أيضًا) أن ما يُصنع غربيًّا وأمريكيًّا غير صالح لقيادة هذه البلدان.

صحيح أن هذا لا يعنى أن الديمقراطية لا تصلح فى العالم العربى والإسلامى وتصلح فقط فى الغرب، ولكن يعنى أن الخبرة الأمريكية فى «تصنيع» النخب وارد أن تُقبل وتنجح فى مجتمعات لديها نفس القيم المشتركة كما جرى فى أوكرانيا، فى حين أن قبولها داخل مجتمعات خارج الإطار الحضارى الغربى، كما جرى فى أفغانستان وغيرها، ينتج نخبة فاشلة، وأن بناء الديمقراطية هو مسار داخلى بالأساس كما علّمتنا كثير من تجارب أمريكا الجنوبية ودول الجنوب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفغانستان وأوكرانيا أفغانستان وأوكرانيا



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 12:22 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

عمرو دياب يتألّق عند سفح أهرامات الجيزة
  مصر اليوم - عمرو دياب يتألّق عند سفح أهرامات الجيزة

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 01:08 2020 الأحد ,19 تموز / يوليو

طريقة عمل الشكشوكة التونسية

GMT 22:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

أستون فيلا ينهار في ١١٤ ثانية أمام تشيلسي

GMT 23:30 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

السودان تسجل 215 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon