بقلم : عمرو الشوبكي
حين يصل شهداء الأطباء بسبب جائحة كورونا إلى 240 شهيدًا، فهذا يعنى أننا أمام رقم غير مسبوق من ضحايا فيروس كورونا على مستوى العالم، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار تناقص أعداد الأطباء وهجرة حوالى نصفهم خارج الحدود واستقالة البعض من النيابات رغم أنها كانت أملاً وحلمًا.
عدد شهداء الأطباء والأطقم الطبية كبير، ومازال رد الفعل الحكومى بطيئًا ومتجاهلًا لكثير من أبسط حقوق هؤلاء الشهداء، كما لايزال النقاش العام غائبًا حول إصلاح أوضاع الصحة فى مصر ووضع المستشفيات العامة ونظام التأمين الصحى وضعف رواتب الطواقم الطبية، وأسباب هذه الهجرة غير المسبوقة من الأطباء لخارج الحدود وبصورة لم تشهدها مصر من قبل.
معروف أنه يوجد طبيب مصرى واحد مقابل 1100 فرد، فى حين أن الرقم المعتمد عالميًا هو طبيب لكل 400 فرد، وأن هناك 220 ألف طبيب مصرى مسجلين فى النقابة، منهم 120 ألفًا هاجروا خارج البلاد، وأنه فى العام الماضى استقال 3500 طبيب من وزارة الصحة وهو أعلى رقم فى تاريخ الوزارة.
ورغم هذا النقص فى عدد الأطباء وضعف الرواتب والإمكانيات، قامت الطواقم الطبية بأعمال بطولية كبيرة فى مواجهة الفيروس القاتل، ومع ذلك لايزال «بدل العدوى» أقل بكثير من المطلوب، ومازالت هناك عقبات كثيرة أمام المعاش الاستثنائى، ومازالت أيضا هناك شكاوى كثيرة من ضعف أدوات الوقاية من خطر الفيروس.
المرحلة القادمة فى حاجة إلى أمرين فى غاية الأهمية، خاصة بعد توطن الموجه الثانية وسقوط مئات الضحايا من الأطقم الطبية والمواطنين: الأول مراجعة الدولة بكل مؤسساتها لطريقة تعامل بعض المسؤولين مع الأطباء، الذين بدوا وكأنهم «الحيطة المايلة» التى يستعرض فيها البعض سلطاتهم عليهم دون غيرهم (مع طبعًا المدرسين ومدراء المدارس الحكومية)، أما الأمر الثانى فهو ضرورة فتح الباب أمام نقاش عام (علمى وسياسى) حول أوضاع منظومة الصحة فى مصر، وطبيعة اللقاح الصينى الذى استقبلته وزيرة الصحة فى المطار فى مشهد لم نره فى أى مكان فى العالم، فقد حضرت اللقطة التليفزيونية وغاب أى نقاش علمى عن طبيعة هذا اللقاح وموقف العلماء المصريين والأجانب منه، ونتائجه فى الإمارات، وهل هناك فارق بينه وبين لقاح فايزر، وهل مصر قادرة على توفير كميات كبيرة منه؟
كلها تساؤلات ونقاشات جرت فى كل دول العالم، متقدمة ونامية، لأن صحة الناس وتداعيات هذا الفيروس خطيرة، ولا يجب أن تُترك لظروف الإدارة العادية إنما هى فى حاجة إلى إدارة علمية ومهنية استثنائية فى ظل انتشار متزايد للفيروس.
دعم الأطباء وشهدائهم ليس لأسباب فئوية ولا انحيازًا لمهنة على حساب أخرى، إنما لأن من يحمى أرواح الناس فى هذه اللحظة ويدافع عن قيم العلم والعمل هم الطواقم الطبية