بقلم : عمرو الشوبكي
في أعقاب واحدة من أنبل تجارب الانتفاضات العربية وأكثرها إصرارا ومدنية وقع المجلس العسكري الانتقالي السوادني مع قوى الحرية والتغيير بالأحرف الأولي اتفاقا على إعلان دستوري رعته أثيوبيا، وفتح الباب أمام بناء سلطة مدنية ليضع البلاد أمام مرحلة جديدة وتحديات أكبر.
وتبقي أمام التجربة السودانية ثلاثة تحديات رئيسية أولها طول الفترة الانتقالية التي ستستمر ثلاث سنوات، لأن إدارة بلد معقد مثل السودان عبر مجلس سيادي غير منتخب يخضع لتوازنات كثيرة بين العسكريين والمدنيين وبين قوى التطرف والمزايدة الثورية والقوى الإصلاحية، وبين النظام القديم والجديد وهو سيعني عمليا عدم القدرة على الإنجاز في أي ملف اقتصادي أو سياسي أو حتى أمني، وان أي تعثر في المسار الانتقالي ستتحمله قوى الحرية والتغيير لأنها ستبدو وكأنها هي التي في الحكم وفي السلطة، وبالتالي سيكون هناك حرص من أطراف كثيرة على تحميلها بمفردها أسباب التعثر.
أما التحدي الثاني يتمثل في غياب الرجل/المشروع الجسر، فالسودان لن يحكم بمجلس سيادي ولا بمجلس وزراء ومجلس تشريعي انتقالي، لأن هذا سيعني سيولة في اتخاذ القرارات وتحديد المسؤوليات، في حين ان المطلوب هو سلطة مركزية منتخبة قادرة على اتخاذ قرارات جريئة وشجاعة ويحاسبها مجلس تشريعي منتخب وهذا يتطلب ضرورة التوافق على مشروع «الرجل الجسر».
اما التحدي الثالث فهو تحدي الدور التخريبي الذي تقوم به أدوات قطر الإعلامية في المنطقة، فمشاهد الأيام الثلاثة الماضية مقلقة من حيث جرعة التحريض التي تمارس ضد المجلس العسكري واتفاق أديس أبابا، لنعرف حجم التحديات الملقاة على هذا البلد، وظل السؤال المطروح على للسودانيين «ماذا ستفعلون لو طمع العسكر في الحكم» أو كما تعلمون العسكر دائما يطمعون في الحكم«ولم تحاول الجزيرة وأخواتها أن تقول مرة واحدة: ماذا لو فشلتم كقوى مدنية في إدارة البلاد» ماذا لو شهدت البلاد مواجهات أهلية ونفذ إخوان السودان تهديدهم بحرق البلاد؟ هل مطلوب أن يتفرج الجيش أم سيتدخل لإنقاذ مايمكن إنقاذه؟ هذا الخطاب لا يهمه استقرار السودان إنما تحريض الناس ضد المسار السياسي والإصلاحي لأنه صنفه قريب لمحور السعودية والإمارات.
بالمقابل على قوى المحور الآخر ألا تعتبر أن مصدر الاستقرار الوحيد هو في دعم النظم والجيوش، إنما بالأساس دعم الشعوب واحترام خيارتها، وهو يتطلب انفتاح حقيقي على المجتمع وعلى تياراته ونخبه المختلفة.
تجربة السودان ملهمة لبلاد عربية كثيرة من زاوية إسقاطها لنظام إخواني ظل جاثما على صدور الشعب السوداني ثلاثين عاما بعد أن توهم البعض في العالم العربي إنه بديلا في حين إنه كان واحدا من أكثر النظم العربية فشلا واستبدادا.
تبقي تحديات بناء دولة القانون كثيرة ولكن تظل فرص النجاح أكبر.