بقلم - عمرو الشوبكي
اعتراض وزارة الخارجية المصرية على البيان الذى أصدرته مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والتى نددت بأحكام الإعدام التى طالت 75 متهما من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين (فيما عرف بقضية فض رابعة)، لن يغير من ضرورة وجود عقل سياسى شامل لا يدين بالقطعة بيانات الأمم المتحدة أو تقارير المنظمات الحقوقية أو مقالات الصحف العالمية، إنما يمتلك نظرة شاملة تقرأ المشهد السياسى المصرى فى عمومه وتنظر لعنوان عريض: كيف نتعامل مع العالم الخارجى؟.
ولعل السؤال البديهى الذى بات مطروحا بسبب بعض حملات التجهيل الإعلامى المنظم: هل نحن نحتاج أصلا للعالم الخارجى، وهل يمكن أن ننجز اقتصاديا مثل الصين فنجد ما يغطى ضعفنا فى مجال حقوق الإنسان؟.
والمؤكد أن مصر تحتاج العالم الخارجى وغير قادرة على الإنجاز الاقتصادى بدون استثمارات العالم الخارجى، خاصة بعد أن فقدت جزءا كبيرا من قاعدتها الصناعية (الأكبر فى المنطقة) التى بنتها فى الستينيات، سواء بإهمال متعمد أو ببرامج خصخصة شابها كثير من العشوائية والفساد، وأصبحت منذ أربعين عاما جزءا من المنظومة العالمية اقتصاديا وسياسيا.
والحقيقة أن ملف حقوق الإنسان وملف الأحكام القضائية مطروح فى الغرب بشدة حتى لو كانت أمريكا يحكمها ترامب (لا يضع حقوق الإنسان ضمن أولوياته لأنه يرى أن الشعوب العربية لا تصلح معها هذه القيم)، وحتى لو كانت مصر تركز فى علاقتها الخارجية مع روسيا والصين فإن ذلك لن ينفى أننا فى وضع اقتصادى وسياسى أضعف بكثير من هاتين الدولتين، فلن نستطيع أن نهرب من مناقشة جادة للملف السياسى الداخلى وأوضاع حقوق الإنسان، ليس من أجل عيون الغرب والأمم المتحدة، إنما من أجل المواطن المصرى.
لقد كان أمام الدولة فرصة لتروج خارجيا لحكم النقض برفع اسم أبوتريكة وعشرات غيره من قوائم الإرهاب، خاصة أن أحكام الإعدام الأخير سيعاد فحصها أمام محكمة النقض، ولكن تجاهلت الأمر لصالح الصراخ الإعلامى فى الداخل والغياب الكامل فى الخارج، وهو ما كان سيعدل جانبا من الصورة السائدة عن مصر فى الخارج.
للأسف لقد انشغل بعض إعلاميينا بالحديث عن نقص عدد الإعدامات، فى حين أن أى بلد طبيعى سيحزن أبناؤه على أحكام الإعدام، ولو كانت مستحقة لأنها دليل فشل وتعثر مجتمعى وسياسى حتى لو تحمل أغلبه الإخوان المسلمون.
الرد على بيانات الأمم المتحدة لن يكون فقط برفضها، إنما بمعرفة أخطائنا الداخلية فنصحها، ونقر بأننا جزء من العالم ولسنا خارجه وأن الصورة التى سنروجها عن أنفسنا يجب أن تكون حقيقية لأنه لم يعد هناك ما يمكن أن نخفيه فى هذا العالم الجديد.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع