توقيت القاهرة المحلي 00:10:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المهنية التي نريدها

  مصر اليوم -

المهنية التي نريدها

بقلم : عمرو الشوبكي

لا يجب أن يتصور أحد أن أى نظام مهما كانت ديمقراطيته وكفاءته واحترامه للقانون سينجح فى القضاء التام على الإرهاب، فالانتصار على الإرهاب الجديد يعنى بالأساس حصاره ووقف انتشاره وتقليل حجم ضحاياه.

والحقيقة أن سلسلة الجرائم الإرهابية التى شهدتها مؤخرا بريطانيا، سواء فى لندن أو مانشستر، ليست بالأمر المعتاد إلا أنها طرحت مجموعة من التساؤلات حول طبيعة العملية الإرهابية ومدى نجاح الطريقة البريطانية التى يراها البعض متسامحة فى حصار الإرهاب.

يقينا النموذج البريطانى الذى شمت فيه بعضنا بجهل مطبق هو الأكثر تسامحا فى التعامل مع الأقليات العرقية والثقافية فى أوروبا وربما العالم، وكأننا فى مصر من السويد أو سويسرا ولسنا جزءا من هذه الأقليات، وحتى من لم يعش هناك فهو غالبا يقف فى طوابير «الفيزا» سواء للعلاج أو الدراسة أو حتى السياحة، ومع ذلك يرى أن بريطانيا تدلل الأقليات.

صحيح أن مشكلة الخبرة البريطانية (وهنا يصبح النقد موضوعيا) أنها مدت هذا التسامح تجاه الأقليات العرقية والدينية المختلفة، حتى شملت المتطرفين ومشاريع الإرهابيين بحيث تصورت أنها حين تترك لهم هامشا للحرية ستتقى شرهم وهو ما لم يحدث.

مشهد عمدة لندن البريطانى المسلم وهو يعلق على الحادث الإرهابى الأخير أعطى مصداقية كبيرة لهذا النموذج ورفع عن قطاع واسع من المسلمين الحرج بأن يأخذهم البعض بجريرة الإرهابيين، وهو مشهد يقول إن لندن هى العاصمة الغربية الوحيدة التى انتخب فيها عمدة مسلم الديانة ومن أصول أجنبية.

اللافت فى الحوادث الإرهابية الأخيرة، التى ضربت بريطانيا، عده جوانب، أهمها أنها نجحت فى فرض رقابة صارمة على دخول السلاح والبنادق الآلية التى استخدمها الإرهابيون فى أكثر من بلد، خاصة فرنسا، وتسببت فى وقوع مئات الضحايا، وأن حادث مانشستر الذى استخدمت فيه المتفجرات تم صنعها عن طريق الإنترنت، وهنا بدأت الحكومة البريطانية فى وضع مزيد من الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعى التى تعلم الإرهابيين صناعة القنابل، ولذا لم يكن أمامهم فى العملية الأخيرة إلا طعن الناس بالسكاكين أو صدمهم بالسيارات.

عقب الحادث الأخير أوقفت الشرطة البريطانية حوالى 20 شخصا وليس 20 ألفا، ولم توسع دائرة الاشتباه فتطال أبرياء نتيجة الاستسهال وانعدام الكفاءة، ولم تخلط بين محاربة الإرهاب ومحاربة الرأى الآخر، فالصراع بين حزبى المحافظين والعمال لم يختفِ، واختلاف الآراء حول سبل مواجهة الإرهاب ظل حاضرا فى عالم السياسة والصحافة، والاعتراف بالثغرات والسلبيات وأوجه القصور كان نقطة الانطلاق فى التعامل مع حادث مانشستر، وكلها أسئلة تتعلق بالمعلومات الاستخباراتية عن خروج ودخول الإرهابى سلمان عبيدى إلى بريطانيا قادما من ليبيا وكيف صنع المتفجرات؟

فى الوقت نفسه فقد كان هناك تقدير واضح للكفاءة المذهلة التى تعاملت بها الشرطة البريطانية مقارنة حتى بنظرائها الأوروبيين مع الحادث الإرهابى الأخير، فقد وصلت لمكان الحادث وتعاملت مع الإرهابيين فى 8 دقائق وهو رقم قياسى بكل معنى الكلمة مقارنة بما جرى فى جرائم باريس، كما أنها نجحت فى قتل الإرهابيين الثلاثة رغم وجودهم وسط الناس وأصابت شخصا واحد فقط، وهو أمر يعكس تدريبا وكفاءة عالية.

سيظل الإرهاب موجودا فى البلاد الديمقراطية وبلادنا غير الديمقراطية، ولكن على الأقل يجب أن تكون مواجهة الإرهاب أكثر مهنية واحترافية، فلا يجب اعتقال مئات الأبرياء أو المعارضين واتهامهم بالإرهاب، ولا اعتبار الشعب خارج معادلة الحرب على الإرهاب، كما يجب أيضا التعامل مع البيئة الحاضنة للإرهاب ودوافعه المختلفة لا الاكتفاء بقتل الإرهابيين وترك المناخ الذى يفرزهم.

المصدر : صخيفة المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المهنية التي نريدها المهنية التي نريدها



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:09 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

دواء مضاد للاكتئاب قد يساعد في علاج أورام المخ
  مصر اليوم - دواء مضاد للاكتئاب قد يساعد في علاج أورام المخ

GMT 20:39 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

يوسف الشريف خارج دراما رمضان 2025
  مصر اليوم - يوسف الشريف خارج دراما رمضان 2025

GMT 22:12 2019 الجمعة ,24 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 1.01% في أسبوع

GMT 21:55 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أبوريدة يبحث ترتيبات مباراة مصر وتونس مع وزير الشباب

GMT 22:51 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف نوع جديد من العناكب الذئبية جنوب إيران

GMT 21:31 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

حنان ترك غاضبة من حلا شيحة بعد خلعها الحجاب

GMT 07:06 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

أبوسعدة يكشف عن تنفيذ قطر حُكم تعويض أسر القتلى

GMT 18:35 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

آبل تستبدل بعض هواتف "iPhone X" التي تعاني من مشاكل

GMT 17:43 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

حمادة صدقي يعلن دراسة السنغال بشكل جيد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon