توقيت القاهرة المحلي 19:22:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المهنية التي نريدها

  مصر اليوم -

المهنية التي نريدها

بقلم : عمرو الشوبكي

لا يجب أن يتصور أحد أن أى نظام مهما كانت ديمقراطيته وكفاءته واحترامه للقانون سينجح فى القضاء التام على الإرهاب، فالانتصار على الإرهاب الجديد يعنى بالأساس حصاره ووقف انتشاره وتقليل حجم ضحاياه.

والحقيقة أن سلسلة الجرائم الإرهابية التى شهدتها مؤخرا بريطانيا، سواء فى لندن أو مانشستر، ليست بالأمر المعتاد إلا أنها طرحت مجموعة من التساؤلات حول طبيعة العملية الإرهابية ومدى نجاح الطريقة البريطانية التى يراها البعض متسامحة فى حصار الإرهاب.

يقينا النموذج البريطانى الذى شمت فيه بعضنا بجهل مطبق هو الأكثر تسامحا فى التعامل مع الأقليات العرقية والثقافية فى أوروبا وربما العالم، وكأننا فى مصر من السويد أو سويسرا ولسنا جزءا من هذه الأقليات، وحتى من لم يعش هناك فهو غالبا يقف فى طوابير «الفيزا» سواء للعلاج أو الدراسة أو حتى السياحة، ومع ذلك يرى أن بريطانيا تدلل الأقليات.

صحيح أن مشكلة الخبرة البريطانية (وهنا يصبح النقد موضوعيا) أنها مدت هذا التسامح تجاه الأقليات العرقية والدينية المختلفة، حتى شملت المتطرفين ومشاريع الإرهابيين بحيث تصورت أنها حين تترك لهم هامشا للحرية ستتقى شرهم وهو ما لم يحدث.

مشهد عمدة لندن البريطانى المسلم وهو يعلق على الحادث الإرهابى الأخير أعطى مصداقية كبيرة لهذا النموذج ورفع عن قطاع واسع من المسلمين الحرج بأن يأخذهم البعض بجريرة الإرهابيين، وهو مشهد يقول إن لندن هى العاصمة الغربية الوحيدة التى انتخب فيها عمدة مسلم الديانة ومن أصول أجنبية.

اللافت فى الحوادث الإرهابية الأخيرة، التى ضربت بريطانيا، عده جوانب، أهمها أنها نجحت فى فرض رقابة صارمة على دخول السلاح والبنادق الآلية التى استخدمها الإرهابيون فى أكثر من بلد، خاصة فرنسا، وتسببت فى وقوع مئات الضحايا، وأن حادث مانشستر الذى استخدمت فيه المتفجرات تم صنعها عن طريق الإنترنت، وهنا بدأت الحكومة البريطانية فى وضع مزيد من الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعى التى تعلم الإرهابيين صناعة القنابل، ولذا لم يكن أمامهم فى العملية الأخيرة إلا طعن الناس بالسكاكين أو صدمهم بالسيارات.

عقب الحادث الأخير أوقفت الشرطة البريطانية حوالى 20 شخصا وليس 20 ألفا، ولم توسع دائرة الاشتباه فتطال أبرياء نتيجة الاستسهال وانعدام الكفاءة، ولم تخلط بين محاربة الإرهاب ومحاربة الرأى الآخر، فالصراع بين حزبى المحافظين والعمال لم يختفِ، واختلاف الآراء حول سبل مواجهة الإرهاب ظل حاضرا فى عالم السياسة والصحافة، والاعتراف بالثغرات والسلبيات وأوجه القصور كان نقطة الانطلاق فى التعامل مع حادث مانشستر، وكلها أسئلة تتعلق بالمعلومات الاستخباراتية عن خروج ودخول الإرهابى سلمان عبيدى إلى بريطانيا قادما من ليبيا وكيف صنع المتفجرات؟

فى الوقت نفسه فقد كان هناك تقدير واضح للكفاءة المذهلة التى تعاملت بها الشرطة البريطانية مقارنة حتى بنظرائها الأوروبيين مع الحادث الإرهابى الأخير، فقد وصلت لمكان الحادث وتعاملت مع الإرهابيين فى 8 دقائق وهو رقم قياسى بكل معنى الكلمة مقارنة بما جرى فى جرائم باريس، كما أنها نجحت فى قتل الإرهابيين الثلاثة رغم وجودهم وسط الناس وأصابت شخصا واحد فقط، وهو أمر يعكس تدريبا وكفاءة عالية.

سيظل الإرهاب موجودا فى البلاد الديمقراطية وبلادنا غير الديمقراطية، ولكن على الأقل يجب أن تكون مواجهة الإرهاب أكثر مهنية واحترافية، فلا يجب اعتقال مئات الأبرياء أو المعارضين واتهامهم بالإرهاب، ولا اعتبار الشعب خارج معادلة الحرب على الإرهاب، كما يجب أيضا التعامل مع البيئة الحاضنة للإرهاب ودوافعه المختلفة لا الاكتفاء بقتل الإرهابيين وترك المناخ الذى يفرزهم.

المصدر : صخيفة المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المهنية التي نريدها المهنية التي نريدها



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon