بقلم : عمرو الشوبكي
حين يبلغ عدد شهداء الأطباء حوالى 210 شهداء، وحين يسقط على مدار أسبوع كل يوم شهيد من بين الأطباء بسبب فيروس كورونا، فنصبح أمام محنة حقيقية يجب أن يتحرك لمواجهتها الجميع دولة ومجتمعًا.
فقد استشهد على مدار أسبوع الدكتور بدران محمد إدريس، والدكتور محمد وهبة، والدكتور مدحت مرقص، والدكتورة رغدة الدخاخنى، والدكتور أحمد الحلوجى، والدكتور كمال الدين أحمد الدرس، والدكتور رامى كريم الديب (35 عاما)، بالإضافة لعشرات المصابين، وغيرهم من الشهداء والمصابين من باقى الطواقم الطبية.
الكثير من هؤلاء قصص إنسانية حزينة ومؤلمة، وكثير منهم قام أيضا ببطولات حقيقية، فيها من الشرف المهنى وإيثار الذات الكثير، فالطبيب الشاب رامى كريم الذى قال قبل وفاته: «يعنى هاتيجى على الغلابة اللى محتاجينلى» كان هذا هو رده على زوجته التى خشيت أن يتركها وبناتهما الصغيرات وطالبته بالحصول على إجازة. والحقيقة أن زيادة أعداد الشهداء من الأطباء تلقى حملا جديدا على المنظومة الصحية فى مصر التى تعانى من مشاكل عديدة، سواء من حيث قلة أعداد الأطباء أو ضعف الإمكانات ووسائل الحماية، فكما هو معروف هناك طبيب مصرى واحد مقابل 1100 فرد، فى حين أن الرقم المعتمد عالميا هو طبيب لكل 400 فرد، وأن هناك 220 ألف طبيب مصرى مسجلين فى النقابة، منهم 120 ألفًا هاجروا خارج البلاد، وأن فى العام الماضى استقال 3500 طبيب من وزارة الصحة، وهو أعلى رقم فى تاريخ الوزارة. ورغم نقص عدد الأطباء وضعف الرواتب والإمكانيات، قدمت الطواقم الطبية أعمالًا بطولية فى مواجهة الفيروس القاتل، وصار مطلبهم المعاش الاستثنائى واجبًا على الدولة، خاصة فى ظل ضعف رواتبهم.
مبادرة نقابة الأطباء لدعم أسر شهداء الأطباء، رغم نبل المقصد والهدف، ورغم أنها «ليست بديلا عن المطالبة بحق الأطباء فى المعاش الاستثنائى»، إلا أنها فى الحقيقة لا يجب النظر إليها على أنها حل ولا الطريق الأمثل لكى يحصل الأطباء على حقوقهم بالطرق القانونية فى المعاش الاستثنائى.
فرعاية أسر الشهداء ليست عملًا خيريًا ولا زكاة مال، إنما هو واجب على الدولة والمجتمع فى دعم من ضحوا بحياتهم من أجل أن يعيش الآخرون، وأن حق الشهيد فى أن يعيش أبناؤه حياة كريمة ليس فقط واجبًا على الدولة إنما يجب أن يكون إحدى أولوياتها.
والمؤسف أن هناك بعض المحافظين يصرون على التعامل مع الأطباء وكأنهم الحيطة المايلة التى يستعرضون فيها سلطاتهم، ويتناسون أنهم يعملون بجد، لا من أجل اللقطة والصورة.
المعاش الاستثنائى، وتوفير سبل الحماية للأطباء، ورفع ثانٍ لبدل العدوى، ومراجعة شاملة لرواتب من يعملون فى المستشفيات والمؤسسات العامة.. مطلب لا يحقق العدالة فقط، إنما أيضا يدافع عن قيم العلم والعمل والجهد فى كل موقع