توقيت القاهرة المحلي 19:23:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإصلاح المؤسسي

  مصر اليوم -

الإصلاح المؤسسي

بقلم : عمرو الشوبكي

 

يكمن معيار نجاح أى تجربة سياسية فى قدرتها على إحداث ما سمى فى أدبيات العلوم السياسية بالإصلاح المؤسسى، أى قدرة النظام السياسى على إجراء إصلاح فى مؤسسات الدولة تواكب التغيير الجديد، وليست القضية فى وسيلة التغيير.

وأذكر أنى شاركت فى ندوة منذ 9 سنوات فى العاصمة الإسبانية مدريد عن تجارب الانتقال الديمقراطى وبحضور أحد شباب ثورة يناير الذى تقريبا «عاير» الإسبان أن التغيير الذى حدث فى بلادهم كان من داخل النظام وبدون أى ثورة وانتفاضة شعبية، فرد عليه أحد شباب الباحثين الإسبان قائلا: «نعم نحن لم نقم بثورة لكن قمنا بإصلاحات ثورية» وهو كان العامل الحاسم فى انتقال إسبانيا من دولة استبدادية أقرب لدول العالم الثالث إلى مصاف الدول الصناعية الكبرى.

فالقضية فى القدرة على تقديم بديل إصلاحى سواء جاء من داخل النظام أو من خارجه، وقد مثلت تجارب إسبانيا والبرتغال نماذج للإصلاح من داخل النظام القائم، بل إن عددا كبيرا من بلاد أوروبا الشرقية نجحت فى تغيير نظامها القائم من خلال ترتيبات دولية وتفاهمات داخلية بين قوى الاحتجاج والنظم القائمة دون إقصاء أو محاكم ثورية كما روج البعض عقب يناير فى مصر.

والحقيقة أن الإصلاح المؤسسى «Institutional reform» يعنى إصلاح مؤسسات الدولة كلها وإن كثيرا من تجارب دول العالم نجحت فى إجراء عملية انتقال ديمقراطى وعرفت انتخابات حرة وديمقراطية، ولكنها فشلت فى إجراء إصلاح لمؤسساتها ففشلت، وأخرى قدمت نموذجا غير ديمقراطى مثل الصين ولكنها بنت مؤسسات دولة كفئة وحديثة فتقدمت.

والمؤكد أن مصر تحتاج إلى إصلاح مؤسسى، وكشفت قضية مخالفات البناء أهمية هذه الإصلاحات، فمنظومة الفساد ظلت موجودة داخل قطاعات من الجهاز الإدارى للدولة وبين قيادات محلية كثيرة، لفترات طويلة سابقة فالمواطنون الذين خالفوا وبنوا على أرض زراعية حصل أغلبهم على تصريح بناء مخالف للقانون من قيادات محلية بأشكال مختلفة من الفساد.

والحقيقة أن المواجهة الجذرية لقضية مخالفات البناء ستبدأ حين يمنع تكرار هذه الجرائم مرة أخرى عبر جهاز إدارى كفء وشفاف وغير فاسد، وتصبح القضية الأساسية هى فى إصلاح مؤسسات الإدارة المحلية جذريا، ومحاسبة صناع جريمة البناء المخالف من داخل جهاز الدولة قبل محاسبه المواطنين الذين خالفوا.

لن يختلف تيار الديمقراطية أولا مع تيار التنمية الاقتصادية على أولوية الإصلاح المؤسسى كشرط لأى تقدم بصرف النظر عن شكل النظام السياسى، وأن أى مستقبل مشرق لن يتحقق إلا بإصلاح الجهاز الإدارى للدولة كخطوة كبرى نحو تقدم هذا البلد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإصلاح المؤسسي الإصلاح المؤسسي



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
  مصر اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 15:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
  مصر اليوم - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 13:12 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

أوميغا 3 يساهم في إبطاء نمو سرطان البروستاتا لدى الرجال

GMT 00:28 2024 الإثنين ,02 أيلول / سبتمبر

تارا عماد تكتشف سرًا يربطها بوالدتها

GMT 18:55 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

المصري يبدأ توزع دعوات مباراة بطل سيشل

GMT 06:45 2020 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

مشاجرة بين مروان محسن ورضا عبد العال بسبب "الأهداف"

GMT 06:45 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب "الهلال" السعودي بين مطرقة "كورونا" وسندان "الديربي"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon