توقيت القاهرة المحلي 20:52:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

موقف مشرف

  مصر اليوم -

موقف مشرف

بقلم : عمرو الشوبكي

مثل الموقف المشرف الذى اتخذته الحكومة الانتقالية السودانية من رفض التطبيع مع إسرائيل احتراما للقواعد التى وُضعت لتنظيم المرحلة الانتقالية، أو كما قال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك إنها «غير مفوضة لبحث التطبيع مع إسرائيل قبل إكمال هياكل الحكم الانتقالى»، كما أنه قدم نموذجا لقدرة النظم السياسية على الاستفادة من الإرادة الشعبية فى خلق هامش كبير من المناورة الدولية حتى لو كانت تعانى من ضعف فى مؤسساتها ومن مشاكل كثيرة.

لقد نجحت الحكومة السودانية فى أن تؤجل أى حديث عن التطبيع بلغة محترمة، وترد على مدرسة فى السياسة العربية تقول إن حل المشاكل الاقتصادية والسياسية والتنموية يكمن فى التطبيع مع إسرائيل، وهو ما ثبت عمليًا أنه غير صحيح، كما أنه مثل الوجه الآخر لمدرسة ثانية تختبئ خلف شعارات مواجهة إسرائيل لتبرر الفشل الاقتصادى والسياسى الذى تعانى منه.

أسوأ ما يمكن أن تقدم عليه الإدارة الأمريكية هو الربط بين رفع العقوبات على السودان والتطبيع مع إسرائيل، وهو موقف لم يعلنه صراحة وزير الخارجية الأمريكى أثناء زياراته لبعض دول المنطقة ومنها السودان، إنما لم يحسمه بشكل قاطع.

إن السودان فى حاجة ليس فقط لرفع فورى للعقوبات حتى يستعيد عافيته، إنما أيضا أن تتعامل معه أمريكا ودول العالم باعتباره دولة طبيعية، تحاول أن تخرج من إرث استبدادى رغم ظروفها الاقتصادية والسياسية الصعبة.

مدهش أن تعطى الإدارة الأمريكية أولوية للتطبيع ليس فقط على حساب حقوق الشعب الفلسطينى، إنما أيضا على حساب نجاح التجربة الانتقالية فى السودان التى جاءت عقب ثورة شعبية مدنية على حكم إخوانى متطرف، وأن تقول إن السودان مازال غير مستقر، وإن الدولة العميقة مازالت تحكم، وإن التحالف السياسى بين المدنيين والعسكريين مازال هشًا، وهى كلها أمور لو افترضنا صحتها فكيف يمكن أن تصل البلاد إلى وضع مستقر وحكم مدنى ديمقراطى وهى محاصرة ومتهمة بأنها ترعى الإرهاب فى حين أن من يعاقبون الآن هم من ثاروا على نظام البشير الذى رعى الإرهاب وأسس لدولة عميقة فاسدة ومستبدة.

مدهش وصادم أن تتصور أمريكا أن مشاكل السودان العرقية والسياسية والقبلية وضعف مؤسسات دولته وهشاشتها حله فى التطبيع، مفهوم أن يكون السلام حلاً لجانب من مشاكل الدول التى دخلت فى حروب ضد إسرائيل، ولكنه حتى فى هذه الحالة ليس وصفة نجاح أو تقدم تلقائية، فكيف لبلد مثل السودان، ليس له حدود مع إسرائيل وليس فى حالة حرب معها، أن يصبح التطبيع بالنسبة له أولوية وهدفا؟ فى حين أنه سيكون سببًا فى مزيد من الانقسام داخل البلاد.

نجاح المرحلة الانتقالية والوصول إلى نظام سياسى منتخب بإرادة شعبية يقرر شكل علاقته بدول العالم هو هدف المرحلة الانتقالية وليس التطبيع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موقف مشرف موقف مشرف



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
  مصر اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 15:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
  مصر اليوم - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 13:12 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

أوميغا 3 يساهم في إبطاء نمو سرطان البروستاتا لدى الرجال

GMT 00:28 2024 الإثنين ,02 أيلول / سبتمبر

تارا عماد تكتشف سرًا يربطها بوالدتها

GMT 18:55 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

المصري يبدأ توزع دعوات مباراة بطل سيشل

GMT 06:45 2020 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

مشاجرة بين مروان محسن ورضا عبد العال بسبب "الأهداف"

GMT 06:45 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب "الهلال" السعودي بين مطرقة "كورونا" وسندان "الديربي"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon