توقيت القاهرة المحلي 13:17:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محلك سر

  مصر اليوم -

محلك سر

بقلم عمرو الشوبكي

هناك لغة تستخدمها نظم سياسية عديدة تؤكد أنها محلك سر، وإذا ظلت محلك سر فإن هذا معناه أنها تسير للخلف، لأن العالم من حولها يجرى للأمام بسرعة البرق وهى سعيدة بمحلك سر.

وللحفاظ على الوضع القائم فى بلد مثل مصر هناك دائما مبررات كثيرة، منها خطر الإرهاب والمؤامرات الدولية، وكلاهما يمثلان خطراً حقيقياً على أى بلد، بشرط أن يتم وضعهما فى إطارهما الصحيح ومواجهتهما أيضا بالأساليب الصحيحة.

ويقينا أن مصر حققت نجاحات فى حربها على الإرهاب وحاصرته فى سيناء ووجهت له ضربات موجعة دون أن تقضى عليه، أما نظريات المؤامرة التى باتت تحاصرنا من كل جانب فقد تحولت إلى عبء كامل على النظام السياسى وأثرت على شرعيته وقدرته على الإنجاز.

والحقيقة أن الحكم فى مصر لايزال من النظم القليلة التى توظف نظرية المؤامرة، ليس فقط فى السجال السياسى أو ابتزاز الخصوم والمنافسين على اعتبار أنهم متآمرون وينفذون أجندات خارجية، وهى أمور متكررة فى النظم غير الديمقراطية، ولكنها فى مصر تحولت إلى أداة لتغييب العقل والمنطق وجعلت أجهزة حكمها ومندوبيهم يستسهلون الحديث كل يوم عن نظريات المؤامرة، ليس فقط فى مواجهة الخصوم السياسيين، إنما لفرض حالة من الغيبوبة الكاملة التى تقضى على أى فرصة لنا فى التأثير فى البيئة الدولية.

فسقوط الطائرة الروسية وحظر سياحها للذهاب لمصر اعتبرناها مؤامرة دولية حتى لو جاءت من دولة حليفة، لا ثغرة أمنية تستوجب المراجعة والتصحيح، فالأسهل هو نظرية المؤامرة، ووقف استيراد القمح الروسى المحمل بنسبة من الإرجوت وتوابع تلك الخطوة بوقف استيراد الفواكه المصرية هو أيضا جزء من مؤامرة كونية على مصر وليس مشكلة فنية وسياسية يجب مناقشتها بشفافية.

ومع كل أزمة دولية أو تعثر اقتصادى أو غياب للسياحة وللاستثمار تصبح شماعة المؤامرة الدولية هى المفسر الوحيد، ولا نسمح حتى بمناقشة سوء الأداء الداخلى والتخبط والفوضى وغياب دولة القانون والشفافية.

والحقيقة أن العالم يتآمر فى أحيان كثيرة من أجل تحقيق مصالحه، وقد يتآمر علينا بالفعل بخطط معلنة، سواء بمشاريع استعمارية تقليدية كما جرى فى عصر التحرر الوطنى، أو بمشاريع الفوضى الخلاقة التى حاول أن يطبقها فى العراق بهدم الدولة وتفكيك الجيش وفشلت فشلا مدويا.

إن التسليم بنظرية المؤامرة على أنها قوة خارقة لا نعرف عنها شيئا ولا نستطيع أن نواجهها أمر يكرس ثقافة الاستسلام أمام مواجهة تحديات الخارج والداخل معا، فلو اهتممنا بمشكلاتنا الثقافية والسياسية والاقتصادية وعرفنا أين هى العيوب والمثالب وأين نقاط التباين التى لا تحتاج إلى مؤامرة لأنها تمثل تعارضا طبيعيا فى الرؤى والمصالح، لكان حالنا أفضل بكثير مما نحن فيه.

والحقيقة أن أخطر ما تشهده مصر الآن هو تلك العودة البليدة لنظرية المؤامرة فى التعامل مع قضايا الخلاف الداخلى وضعف التأثير الخارجى، بدلا من الاشتباك مع الواقع والاعتراف بالأخطاء والمثالب والعمل على إصلاحها.

الطريقة التى نتحدث بها عن المؤامرة هى طريقة معطلة لأى تقدم، لأنها تقدم وصفة عجز واستسلام كامل أمام مواجهة أى مشكلة فى الداخل والخارج، خاصة بعد أن أصبح حديث المؤامرة يعكس رغبة فى كبت النقاش العام وعدم فهم قيمة التنوع والاجتهادات المختلفة داخل المجتمع المصرى، وطالما اعتبرنا النقد مؤامرة، وحق أى حزب فى الوصول للسلطة مؤامرة، والشباب متآمرا وأجندات، من أجل تجاهل مسؤوليات الحكم فى بناء دولة القانون وإصلاح المؤسسات فسنبقى محلك سر.... وملتحفين بحديث المؤامرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محلك سر محلك سر



GMT 02:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:31 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

GMT 07:42 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

GMT 05:04 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:59 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب توفيق يكشف للمرة الأولى سراً عن أشهر أغانيه
  مصر اليوم - إيهاب توفيق يكشف للمرة الأولى سراً عن أشهر أغانيه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon