توقيت القاهرة المحلي 12:58:36 آخر تحديث
الثلاثاء 4 شباط / فبراير 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

أشكال متعددة من توجهات ترمب

  مصر اليوم -

أشكال متعددة من توجهات ترمب

بقلم:عمرو الشوبكي

لا يمثل الرئيس الأميركي دونالد ترمب حالة أميركية فقط، إنما يمثل نمطاً من التفكير لا يقتصر فقط على الولايات المتحدة، بل يمتد ليشمل سياقات وأشكالاً مختلفة في كثير من بلاد العالم ومنها العالم العربي.

إن خطاب ترمب وتأثيره في أميركا يقول إنه يجب ألا نندهش من صعود التيارات الدينية المحافظة في العالم العربي، وألا تكون هناك شعبية للخطاب الوطني والشعبوي الذي لا يعد الديمقراطية أولوية ويرفض الليبرالية، وكثيراً ما يصبّ جام غضبه على المهاجرين، حتى لو كانوا عرباً مثل من اشتهروا في مصر على مواقع التواصل الاجتماعي باسم «كيميت»، (هو الاسم القديم لمصر، ويتمسك به أصحاب الخطاب المصري الفرعوني الذين كثيراً ما هاجموا المهاجرين السودانيين والسوريين والأفارقة وأي جنسية أخرى غير مصرية).

والحقيقة أن خطاب التنصيب الذي ألقاه ترمب الأسبوع الماضي كان كاشفاً عن جانب من طريقة تفكيره خصوصاً تجاه من يختلفون معه أو من يصنِّفهم على أنهم تهديد لبلاده كالمهاجرين. حتى بلدان مثل «الجارة» المكسيك تكلم عن خطرها أكثر مما تكلم عن خطر إيران، رغم أنها دولة مدنية ولا علاقة لها بخطاب الممانعة «الشرق أوسطي» ولا تعادي إسرائيل.

والحقيقة أن خطاب كراهية الآخر في صورته «الترمبية» لم يراعِ الشكل أو اللياقة كما كان يجري مع زعماء كثيرين حملوا نفس أفكاره، ولكنهم لم ينعتوا الأجانب والمهاجرين بالمجرمين والقتلة وأكلة الكلاب والقطط.

وحين يستشهد ترمب عشرات المرات بالكتاب المقدس ويرى أن نجاته من محاولة الاغتيال هي إرادة إلهية لكي يعود لحكم أميركا ويقود العالم، رغم أنه ليس متديناً وغير ملتزم بتعاليم الديانة المسيحية الأخلاقية، إنما هو يوظِّف الدين لصالح مشاريعه السياسية، مثلما تفعل تيارات محافظة كثيرة في العالمين العربي والإسلامي، ليست فقط تيارات الإسلام السياسي وإنما أيضاً تيارات قومية ووطنية ترى أنها مبعوثة العناية الإلهية لإنقاذ بلادها.

والحقيقة أن صعود ظاهرة ترمب في أكبر دولة في العالم وأكثرها تقدماً وإنتاجاً للمعرفة سيعني أنه يجب ألا نندهش حين نجد صعوداً لتيارات دينية ووطنية متشددة في عالمنا العربي أو في أي مكان آخر في العالم، وسيكون طبيعياً في السياق العالمي الحالي أن تكون «هيئة تحرير الشام» هي البديل الذي دعمته غالبية الشعب السوري وقبلها العالم لإسقاط بشار الأسد، وليست تيارات ليبرالية أو يسارية، ولا أن يعد كثيرون خطاب الرئيس التونسي الرافض للديمقراطية التمثيلية بمثابة المخلص والمنقذ للبلاد من أزماتها، ولا أن يكون هناك تيار واسع في مصر قبل التخلي عن بناء الديمقراطية من أجل إسقاط حكم «الإخوان المسلمين».

صحيح أنه لا تمكن مقارنة السياقين السياسي والاجتماعي لهذه البلدان بالولايات المتحدة، ولا خلفية حكامها وفريقهم بترمب وفريقه، لأن الأخير يحكم في النهاية بلد مؤسسات ودولة قانون وقوة عظمى، إنما علينا فقط أن نلفت الانتباه إلى أن موجة التغيير الأخيرة في هذه البلدان كانت بدرجات مختلفة في اتجاه التيارات الأكثر محافظة وليست الأكثر ليبرالية، وأن الانطلاق نحو ما تصوره البعض «ربيعاً عربياً» ونظاماً ليبرالياً، عقب ثورتَي تونس ومصر، انتهى بعودة الرؤية المحافظة لتحكم المشهد في أعقاب سنوات معدودة من تجربة الانتقال الديمقراطي المتعثر.

لا أحد يقول إن توجهات ترمب ورئيسَي مصر وتونس «حاجة واحدة»، لأنهم قطعاً مختلفون في خلفياتهم وفي السياقين السياسي والاجتماعي اللذين يعيش فيهما هؤلاء، ولكن الأمر الوحيد الذي يستحق التوقف عنده أن التجارب التي حملت بدايات تعددية مثل مصر وتونس، ولو في الانتخابات الرئاسية، وجدت تياراً من الشعب يرى أنها جلبت الأسوأ، وفضَّل أن يتجه نحو خيار وطني محافظ لا يري الديمقراطية أولوية.

إن خطاب ترمب يكره الديمقراطية الليبرالية، ولا يحب الخبراء والعلماء، وينظر إلى الحزب الديمقراطي ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس على أنها «ماركسية» وأنصارها متطرفون، ولا تختلف تلك النظرة في جوهرها عن الخطاب الوطني المحافظ في العالم العربي الذي لا يقبل التعددية والقيم الليبرالية والنظام الديمقراطي ولديه لائحة طويلة من الاتهامات لخصومه السياسيين.

موجة ترمب ليست أبديّة، والصعود والهبوط بين المدارس الفكرية والسياسية المختلفة أمر طبيعي؛ فبعض من رأى أنه ليس مهماً التمسك بالديمقراطية وبناء دولة القانون في العالم العربي راجع مواقفه، وفي أميركا مَن صوَّت لترمب لأنه رأى أن المهاجرين خطر وأن المكسيك عدوه وأن إسرائيل ضحية ربما يراجع نفسه حين يكتشف أن العداء للمهاجرين الأجانب تحول إلى عداء للأميركيين من أصول عرقية غير بيضاء في بلد قام منذ نشأته على المهاجرين والتنوع.

موجة ترمب لها تجليات مختلفة في العالم، وهي صاعدة، ولكنها بالقطع ليست أبدية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أشكال متعددة من توجهات ترمب أشكال متعددة من توجهات ترمب



GMT 12:48 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

ترامب والقضية الفلسطينية

GMT 12:43 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

لا يمكن الإستخفاف بأحمد الشرع

GMT 12:42 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أحمد الشرع... صفات استثنائية

GMT 12:37 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

شروط ضرورية لنجاح البكالوريا

GMT 12:34 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

‎قراءة فى صورة الجيروزاليم بوست

GMT 12:33 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

درجات آرسنال ودرجة مرموش؟

GMT 08:50 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

صاحب الزاوية

GMT 08:49 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

الدخيل وشفافية الذكاء الاصطناعي

GMT 07:31 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

نتنياهو يسعى لتعطيل المرحلة الثانية من اتفاق غزة
  مصر اليوم - نتنياهو يسعى لتعطيل المرحلة الثانية من اتفاق غزة

GMT 12:28 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

سهر الصايغ تكشف الصعوبات التي تواجهها في رمضان
  مصر اليوم - سهر الصايغ تكشف الصعوبات التي تواجهها في رمضان

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 03:28 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

"الفيفا" يوافق على خوض الشرطة لقائه أمام نواذيبو في أربيل

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

3 أبراج يصعُب التعامُل معها أبرزها الحمل

GMT 02:41 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

حملة تنظيف مقابر المنوفية تكشف أسرار أعمال سحر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon