توقيت القاهرة المحلي 07:18:04 آخر تحديث
الاثنين 3 شباط / فبراير 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

أشكال متعددة من توجهات ترمب

  مصر اليوم -

أشكال متعددة من توجهات ترمب

بقلم:عمرو الشوبكي

لا يمثل الرئيس الأميركي دونالد ترمب حالة أميركية فقط، إنما يمثل نمطاً من التفكير لا يقتصر فقط على الولايات المتحدة، بل يمتد ليشمل سياقات وأشكالاً مختلفة في كثير من بلاد العالم ومنها العالم العربي.

إن خطاب ترمب وتأثيره في أميركا يقول إنه يجب ألا نندهش من صعود التيارات الدينية المحافظة في العالم العربي، وألا تكون هناك شعبية للخطاب الوطني والشعبوي الذي لا يعد الديمقراطية أولوية ويرفض الليبرالية، وكثيراً ما يصبّ جام غضبه على المهاجرين، حتى لو كانوا عرباً مثل من اشتهروا في مصر على مواقع التواصل الاجتماعي باسم «كيميت»، (هو الاسم القديم لمصر، ويتمسك به أصحاب الخطاب المصري الفرعوني الذين كثيراً ما هاجموا المهاجرين السودانيين والسوريين والأفارقة وأي جنسية أخرى غير مصرية).

والحقيقة أن خطاب التنصيب الذي ألقاه ترمب الأسبوع الماضي كان كاشفاً عن جانب من طريقة تفكيره خصوصاً تجاه من يختلفون معه أو من يصنِّفهم على أنهم تهديد لبلاده كالمهاجرين. حتى بلدان مثل «الجارة» المكسيك تكلم عن خطرها أكثر مما تكلم عن خطر إيران، رغم أنها دولة مدنية ولا علاقة لها بخطاب الممانعة «الشرق أوسطي» ولا تعادي إسرائيل.

والحقيقة أن خطاب كراهية الآخر في صورته «الترمبية» لم يراعِ الشكل أو اللياقة كما كان يجري مع زعماء كثيرين حملوا نفس أفكاره، ولكنهم لم ينعتوا الأجانب والمهاجرين بالمجرمين والقتلة وأكلة الكلاب والقطط.

وحين يستشهد ترمب عشرات المرات بالكتاب المقدس ويرى أن نجاته من محاولة الاغتيال هي إرادة إلهية لكي يعود لحكم أميركا ويقود العالم، رغم أنه ليس متديناً وغير ملتزم بتعاليم الديانة المسيحية الأخلاقية، إنما هو يوظِّف الدين لصالح مشاريعه السياسية، مثلما تفعل تيارات محافظة كثيرة في العالمين العربي والإسلامي، ليست فقط تيارات الإسلام السياسي وإنما أيضاً تيارات قومية ووطنية ترى أنها مبعوثة العناية الإلهية لإنقاذ بلادها.

والحقيقة أن صعود ظاهرة ترمب في أكبر دولة في العالم وأكثرها تقدماً وإنتاجاً للمعرفة سيعني أنه يجب ألا نندهش حين نجد صعوداً لتيارات دينية ووطنية متشددة في عالمنا العربي أو في أي مكان آخر في العالم، وسيكون طبيعياً في السياق العالمي الحالي أن تكون «هيئة تحرير الشام» هي البديل الذي دعمته غالبية الشعب السوري وقبلها العالم لإسقاط بشار الأسد، وليست تيارات ليبرالية أو يسارية، ولا أن يعد كثيرون خطاب الرئيس التونسي الرافض للديمقراطية التمثيلية بمثابة المخلص والمنقذ للبلاد من أزماتها، ولا أن يكون هناك تيار واسع في مصر قبل التخلي عن بناء الديمقراطية من أجل إسقاط حكم «الإخوان المسلمين».

صحيح أنه لا تمكن مقارنة السياقين السياسي والاجتماعي لهذه البلدان بالولايات المتحدة، ولا خلفية حكامها وفريقهم بترمب وفريقه، لأن الأخير يحكم في النهاية بلد مؤسسات ودولة قانون وقوة عظمى، إنما علينا فقط أن نلفت الانتباه إلى أن موجة التغيير الأخيرة في هذه البلدان كانت بدرجات مختلفة في اتجاه التيارات الأكثر محافظة وليست الأكثر ليبرالية، وأن الانطلاق نحو ما تصوره البعض «ربيعاً عربياً» ونظاماً ليبرالياً، عقب ثورتَي تونس ومصر، انتهى بعودة الرؤية المحافظة لتحكم المشهد في أعقاب سنوات معدودة من تجربة الانتقال الديمقراطي المتعثر.

لا أحد يقول إن توجهات ترمب ورئيسَي مصر وتونس «حاجة واحدة»، لأنهم قطعاً مختلفون في خلفياتهم وفي السياقين السياسي والاجتماعي اللذين يعيش فيهما هؤلاء، ولكن الأمر الوحيد الذي يستحق التوقف عنده أن التجارب التي حملت بدايات تعددية مثل مصر وتونس، ولو في الانتخابات الرئاسية، وجدت تياراً من الشعب يرى أنها جلبت الأسوأ، وفضَّل أن يتجه نحو خيار وطني محافظ لا يري الديمقراطية أولوية.

إن خطاب ترمب يكره الديمقراطية الليبرالية، ولا يحب الخبراء والعلماء، وينظر إلى الحزب الديمقراطي ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس على أنها «ماركسية» وأنصارها متطرفون، ولا تختلف تلك النظرة في جوهرها عن الخطاب الوطني المحافظ في العالم العربي الذي لا يقبل التعددية والقيم الليبرالية والنظام الديمقراطي ولديه لائحة طويلة من الاتهامات لخصومه السياسيين.

موجة ترمب ليست أبديّة، والصعود والهبوط بين المدارس الفكرية والسياسية المختلفة أمر طبيعي؛ فبعض من رأى أنه ليس مهماً التمسك بالديمقراطية وبناء دولة القانون في العالم العربي راجع مواقفه، وفي أميركا مَن صوَّت لترمب لأنه رأى أن المهاجرين خطر وأن المكسيك عدوه وأن إسرائيل ضحية ربما يراجع نفسه حين يكتشف أن العداء للمهاجرين الأجانب تحول إلى عداء للأميركيين من أصول عرقية غير بيضاء في بلد قام منذ نشأته على المهاجرين والتنوع.

موجة ترمب لها تجليات مختلفة في العالم، وهي صاعدة، ولكنها بالقطع ليست أبدية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أشكال متعددة من توجهات ترمب أشكال متعددة من توجهات ترمب



GMT 04:43 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

4 ساعات مللاً

GMT 04:37 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!

GMT 04:31 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

رسائل محمد الطويّان المفتوحة والمغلقة

GMT 04:28 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

الشرق الأوسط... تشكلٌ جديدٌ

GMT 04:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 04:20 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

متى يراجع الفلسطينيون ما حدث؟

GMT 13:07 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
  مصر اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 12:07 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
  مصر اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 12:07 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الجبلاية تستقر على خصم 6 نقاط من الزمالك

GMT 23:47 2021 الأربعاء ,18 آب / أغسطس

"Dior Baby" تكشف عن مجموعتها لموسم خريف شتاء 2021-2022

GMT 09:40 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

عطور مثيرة وجديدة للفتيات في سنّ المراهقة

GMT 06:39 2018 الخميس ,08 شباط / فبراير

محمود رفعت يعلن عن القبض على سمير سامي عنان

GMT 19:51 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

الأرجنتيني بوكيتينو يشجع على خداع الحكام

GMT 07:25 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

على أجدد تشكيلة خواتم الخطبة من" Tacori

GMT 01:37 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

تعاني من تداعيات كسوف الشمس الجزئي

GMT 01:10 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

النادي الإنجليزي واتفورد يضم دودي لوكاباكيو لمدة 4 سنوات

GMT 17:27 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عمرو أديب يطالب المصريين بدفع 800 دولار لتسديد ديون الجمهورية

GMT 18:50 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يطعن على قرار المحكمة الرياضية في قضية أجوجو

GMT 04:13 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري الأربعاء

GMT 08:09 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أميرة هاني تبدأ تصوير دورها في "سلسال الدم 2"

GMT 08:06 2016 الخميس ,10 آذار/ مارس

الهدية المثالية لعيد الأم من "داماس"

GMT 02:02 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

الفنانة أحلام تؤدي مناسك العمرة في السعودية

GMT 03:25 2015 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

أبناء الفن تنظم حفل تكريم لفناني الزمن الجميل

GMT 04:24 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مجموعة Black Carpet من "بول كا" مثالية للحفلات بألوان جريئة

GMT 01:04 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أمانة عمان تواصل حملات يومية لتقليم الأشجار والشجيرات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon