توقيت القاهرة المحلي 19:22:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تيران وصنافير الكاشفة

  مصر اليوم -

تيران وصنافير الكاشفة

بقلم : عمرو الشوبكي

لم تكن قضية تيران وصنافير مجرد ترسيم حدود بين بلدين حتى لو اختلفت فيها الآراء وتباينت، إنما كانت مسارا متكاملا كشف عورات النظام السياسى المصرى وعبّر عن انهيار تام فى الأداء وفتح الباب أمام تحديات «وجودية» فى الفترة القادمة.

المؤكد أن إدارة الدولة ملف تيران وصنافير كانت هى السبب الرئيسى فى نقل النقاش من قضية وثائق ومخطوطات ودراسات فى القانون الدولى والتاريخ والجغرافيا إلى اتهامات تتعلق بالوطنية والخيانة.

فالإعلان المفاجئ من قبل الحكومة عن تسليم الجزيرتين للسعودية لم يسبقه أى تمهيد على اعتبار أن الشعب ليس رقما فى أى معادلة وغير ملم (وربما جاهل) ومطلوب منه فقط أن «يبصم» على ما يقوله الحكم فلم تُقم الدولة حساباتها على أن هناك علما اسمه الرأى العام يجب تهيئته ومناقشته والحوار معه حول مصير الجزيرتين، والقبول من حيث المبدأ بإمكانية التراجع عن الاتفاقية فى حال التأكد من مصرية الجزيرتين.

ولأن الشعب لم يكن رقما فى أى حساب فوجئ الناس عقب انتهاء زيارة ملك السعودية لمصر العام الماضى، والإعلان عن تقديم مساعدات مالية واقتصادية أن الجزيرتين أصبحتا سعوديتين رغم وجود جلسات تفاوض بين الجانبين ظلت سرية لأنه ليس مهما أن يعرف الشعب عنها أى شىء.

حين تتعامل مع الناس بهذه الطريقة مهما كانت نواياك صادقة ومهما كانت قناعتك أن الجزيرتين سعوديتان فتوقع أن الناس لن تتعامل مع السياسة بالنوايا إنما بالإدراك (Perception) وبالصور الذهنية التى تنسجها بصرف النظر عن صحتها.

لقد فوجئ الشعب عقب قرار تسليم الجزر بدخول الدولة فى مسار قضائى حكم بأحقية مصر فى الجزيرتين، والمفارقة الصادمة أن الحكومة طعنت على الحكم، معلنة اعترافها بولاية القضاء الإدارى، ولكنها، كما قالت المحكمة الإدارية العليا بعد ذلك، وبإجماع الآراء، لم تقدم أى وثيقة تغير الأسباب التى دفعت المحكمة للحكم ببطلان الاتفاقية ومصرية الجزيرتين.

فهل لهذه الدرجة تتعامل الدولة باستهانة واستخفاف مع أحكم القضاء وتعتبرها هى والعدم سواء، أم أنها من الأصل لا تمتلك أى وثيقة تثبت ملكية السعودية للجزيرتين فكان حكم المحكمة؟

لقد قبلت الحكومة المسار القضائى ثم عادت بعد ذلك وتجاهلت أحكامه حين جاءت على غير الهوى السياسى وقررت عرضها على البرلمان واعتبرت أن أحكام القضاء تنفذ حسب الأهواء والتقارير الأمنية حتى لو تحدث الرئيس كل يوم عن دولة القانون.

لقد نُوقشت قضية تيران وصنافير فى البرلمان رغم رفض طعن الحكومة وصدور حكم بات ونهائى من المحكمة الإدارية العليا، وشهد الناس «أم المهازل» فى طريقة إدارة رئيس البرلمان عملية التصويت على تسليم الجزر فى مشهد عبثى أفقد الناس الثقة فى مؤسسات الدولة القائمة وبصورة غير مسبوقة.

من الواضح أن الرئيس لديه قناعة بأن الجزيرتين سعوديتان وأنه يقوم بعملية رد للحقوق لأصحابها كما قال أمس الأول فى إفطار الأسرة المصرية، ولكنه لم يطرح السؤال عن أسباب الوصول بالنقاش العام لهذه الدرجة من الاحتقان وأسباب تناقص شعبيته وشرخ الشرعية العميق عقب الإعلان عن هذه الاتفاقية؟ القضية يجب ألا يحيلها الرئيس إلى القناعات والأسئلة الكبرى حول ملكية الجزر، لأن هناك من هو وطنى أيضا وغير مغرض يرى أنها مصرية (وهم الأكثرية)، فالنقاش والأزمة ليست حول من يمتلك الجزيرتين، فهذا نقاش كان يمكن لو لدينا نظام سياسى فيه حد أدنى من الكفاءة أن يصبح نقاشا محترما بلا شتائم ولا تخوين، وتكون لدى الحكومة كما المعارضة خطوط رجعة فى حال ثبت لها أن قناعاتها بخصوص ملكية الجزر غير صحيحة لا أن يقدم الأمر على أنه معد سلفا ومنتهٍ ومطلوب من البرلمان أن يوافق حتى لو كان على حساب حكم قضائى، ومطلوب من الشعب ألا يعارض حتى لو خرج استطلاع الرأى الوحيد من جهة لا يمكن وصفها بالمعارضة وهى مركز بصيرة، وأكد أن 47% من المصريين يرون أن الجزيرتين مصريتان فى مقابل 11% يرونها سعودية، و42% لا يعلمون.

أزمة الجزيرتين ستتفاقم لأن الناس حزينة وغاضبة بجد (حتى لو لم تتظاهر الآن)، ومازال الحكم بكل أسف يناقش الأمر فى إطار القناعات وصحة وأخلاقية موقفه من رد الأمانات لأصحابها لا بأداء نظامه وأجهزته الذى كشف عن أزمة هيكلية فى بنية الحكم لا يرغب أحد فى مراجعتها.

تصويب

جاءتنى هذه الرسالة من الأستاذ الدكتور فتوح الشاذلى بحقوق الإسكندرية تصوب ما كتبته يوم الخميس الماضى عن مسار قضية الجزيرتين فى القضاء الإدارى، أشكره عليها:

الأستاذ الفاضل الدكتور/ عمرو الشوبكى..

بعد السلام والتحية..

أود الإشارة إلى أن محكمة القضاء الإدارى التى أصدرت حكم مصرية تيران وصنافير كانت برئاسة المستشار يحيى دكرورى. أما الحكم الصادر من الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بتأييد حكم محكمة القضاء الإدارى الذى طعنت عليه حكومتنا الرشيدة فكان برئاسة المستشار أحمد الشاذلى. وهو الحكم الذى أشرت إليه فى ختام المقال. أى أن الحكم الذى تشير إليه صدر من المحكمة الإدارية العليا وليس من محكمة القضاء الإدارى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تيران وصنافير الكاشفة تيران وصنافير الكاشفة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon