بقلم : عمرو الشوبكي
تلقيت من الأستاذ أحمد فايد، الخبير المالى والاقتصادى، والمصرى المقيم فى نيويورك بالولايات المتحدة هذا التعليق:أود أن أحييك على ملاحظاتك فى مقال «الانتخابات الأمريكية»، أهمها تعليقك على أعمار المنافسين على منصب الرئاسة الذى يتعدى السبعين عامًا ويليها فى الأهمية الإحياء المفاجئ لجو بايدن، بعد أن اعتبر الكثير من الخبراء السياسيين أن فرصته شبه معدومة فى الفوز بترشيح الحزب الديمقراطى لمنافسة ترامب، جنوح ساندرز إلى أقصى اليسار وبعده عن الوسط حيث يتمركز أغلب الناخبين، وكذلك التركيبة السكانية بمكوناتها التمويلية والعرقية والتى لعبت دورًا مهمًا فى إعادة بايدن إلى الصدارة. يحسب لساندرز أخذ زمام المبادرة فى إعطاء البُعد الاجتماعى كأولوية فى خطاب الحزب الديمقراطى، حيث أجبر منافسيه وأحيانا ترامب على التفكير فى حلول لتفاقم مشكلة الرعاية الصحية، القروض الجامعية لحديثى التخرج، عدالة النظام الضريبى، الهجرة غير الشرعية، والاحتباس الحرارى. لهذا فى حالة فوز بايدن بترشيح الحزب وبالرئاسة، كما أتوقع، فستكون بصمة ساندرز واضحة فى رسم كثير من السياسات العامة.
نأتى إلى الملحوظة الأهم وهى أعمار المرشحين، حيث يسيطر كبار السن فى الولايات المتحدة على مناحى السلطة السياسية والاقتصادية والأكاديمية. إذا حسبنا متوسط أعمار مرشحى الحزب الديمقراطى (ساندرز، بايدن، وارين)، وزعماء الأغلبية والأقلية فى مجلسى الشيوخ والنواب، سيكون متوسط الأعمار ٧٧ عاما! أضف إلى هذا متوسط أعمار أعضاء مجلس النواب (٥٨ عاما) والشيوخ (٦٣ عاما)! ولا يختلف الأمر كثيرا فى المجال الاقتصادى، حيث متوسط أعمار رؤساء أكبر ٥٠٠ شركة أمريكية، عند التعيين ٥٨ عاما. ويصل فى المجال الأكاديمى إلى ٧٢ عامًا بين الأمريكيين الحاصلين على جوائز نوبل. بالرغم من أن الأمريكيين فوق الـ٥٥ عاما يمثلون ثلث السكان فقط، لكنهم يملكون أكثر من ثلثى الثروة! ولم تتمركز الثروة والسلطة أبدا فى تلك الفئة العمرية، بهذا الشكل، فى تاريخ أمريكا!.
وبالرغم من أن الشعوب الأوروبية أكبر سنًا فى متوسط أعمارها عن أمريكا، إلا أن الساسة الأوروبيين متوسط أعمارهم ٥٢ عاما ويتجه للتناقص، عكس أمريكا. فرئيس فرنسا ماكرون ٣٩ عاما عند انتخابه، رئيسة وزراء فنلندا ٣٤ عاما، النمسا ٣١ عاما عند انتخابه! ولكن أعتقد أن عدم وجود سن تقاعد فى الحكومة الأمريكية بشكل عام، مع عدم وجود قيد على مدة العضوية ومرات الترشح بمجلسى النواب والشيوخ، وعدم وجود سن تقاعد فى القطاع الخاص والجامعات، ومع التقدم الطبى، كل ذلك ساعد على تفاقم ظاهرة انخراط كبار السن فى أمريكا فى العملية السياسية وبصورة أكبر بكثير من الشباب، وعادة يختارون من يقاربهم فى أعمارهم وتوجهاتهم السياسية. وهذا قد يفسر نجاح بايدن فى يوم الثلاثاء العظيم!