بقلم : عمرو الشوبكي
لا أعرف سببًا منطقيًا أو سياسيًا أو أخلاقيًا يجعل وزارة الصحة تتمسك بالأرقام التى تعلنها عن أعداد المصابين من فيروس كورونا، فمنذ أن أعلن وزير التعليم العالى أمام رئيس الجمهورية منذ عدة أشهر أن النسب الحقيقية قد تكون أكثر من 5 أضعاف النسب المعلنة نتيجة عدم القيام بالمسحات الكافية، ومع ذلك تمسكت وزارة الصحة بأرقامها المعلنة، وعاد عضو اللجنة القومية لمواجهة كورونا وأعلن أن الإصابات الحقيقية فى مصر 10 أضعاف المعلن «ونبقى مجاملين»، ولم ترد وزارة الصحة أو تفسر كما هى العادة.
لقد حان الوقت أن يتوقف إعلان هذه الأرقام الهزيلة، فى ظل ازدياد غير مسبوق فى أعداد ضحايا الفيروس، وأن إعادة النظر فى طريقة التعامل مع فيروس كورونا تبدأ بنقل الحقيقة والتوقف عن اعتبار المسحات المسجلة فى الهيئات الحكومية هى فقط دليل الإصابة بالفيروس أو أن من يتوفون داخل المستشفيات الحكومية هم فقط من تعدهم وزارة الصحة.
المطلوب تغيير المنهج المتبع فى الحساب لإعلان الأرقام الواقعية، لأن ثقة الناس فيما تقوله حكومتهم هى الخطوة الأولى لمواجهة الفيروس، والأساس الذى سيبنى عليه جدار الثقة سيبدأ بالأرقام المطابقة للواقع، لأنه مطلوب بعد ذلك إقناع الناس بالإجراءات الاحترازية وبالإغلاق إذا كان ضروريًا وبجدوى اللقاح أو أعراضه الجانبية بعيدا عن الخرافات والتجهيل ونظريات المؤامرة.
إن الأرقام هى القضية الأسهل، لأنه ليس فيها وجهات نظر، وهى عنوان الثقة بين الناس والحكومة، خاصة بعد أن أصبحت الأولى ترى وتسمع عن حالات أكثر مما تعلنه وزارة الصحة، فغير معقول أن تستمر فى القول إن عدد المصابين فى مصر أمس 664 والوفيات 29 لأن هناك معيارًا فريدًا فى الحساب تبنته الوزارة.
علينا أن نذكر فقط أن المصابين بالفيروس حول العالم أكثر من 75 مليون شخص، توفى منهم حوالى مليون و700 ألف شخص، وفى أمريكا القوة العظمى هناك 17 ونصف مليون مصاب، والهند الفقيرة 10 ملايين، والبرازيل النامية 7 ملايين ونصف، وفرنسا المتقدمة 2 مليون ونصف، وألمانيا من بين الأفضل عالميًا فى مواجهة الفيروس بها مليون ونصف المليون مصاب، وتركيا الشرق الأوسطية بها مليون و200 ألف مصاب، فهل يعقل أن يكون المعلن فى مصر 125 ألف مصاب؟!
لا يوجد فى كل هذه الدول معايير مختلفة لقياس أعداد المصابين يكون الفارق فيها 10 أضعاف، وأن الاستمرار فى التمسك بهذه الأرقام العبثية سيضعف الثقة بين الحكومة والمواطنين، خاصة أن الفترة القادمة ستكون صعبة وأنه مطلوب من الدولة ليس فقط طرح أرقام صحيحة قريبة من الواقع، إنما ضرورة توعية الناس يوميًا بمخاطر الفيروس وانتشاره بدلاً من اتهامهم بعدم الوعى، فى حين أن القضية كانت وستظل فى كل مكان هى برامج التوعية التى تخلق الوعى