بقلم : عمرو الشوبكي
تلقيت هذه الرسالة من الأستاذ أحمد فايد، وهو مصرى يحمل الجنسية الأمريكية ومقيم فى نيويورك، ويعمل كمفتش فيدرالى على البنوك الأمريكية، وجاء فيها:أصبحت أمريكا أكبر مركز لتفشى فيروس كورونا فى العالم، وتمركزت حوالى نصف الإصابات والوفيات فى مدينة نيويورك، أهم مركز مالى فى أمريكا والعالم.
تلك الحالة المزرية لتفشى العدوى نتيجة مباشرة لتأخر الحكومة الفيدرالية فى أخذ التدابير الاحترازية والفحص والعزل المبكر للمصابين، بجانب الكثافة السكانية فى مدينة نيويورك، والتناحر السياسى المسؤول عنه ترامب، كل ذلك فاقم الأزمة إلى حد كبير، وظهرت آثاره الاقتصادية فى انهيار بورصة نيويورك بشكل غير مسبوق، وتجمد آليات السيولة والإقراض فى الاقتصاد الأمريكى.
فاقم حظر التنقل داخليا وخارجيا من الأزمة الاقتصادية، بسبب التشابك المعقد لسلسلة تصنيع وتوريد السلع الأمريكية واعتمادها على الصين إلى حد كبير، لتوافر البنية التحتية، ورخص العمالة هناك. وعدم كفاءة السياسة العامة فى إدارة الأزمة، مما أنهى النمو الاقتصادى الذى امتد قرابة ١١ عاما، وأصبحت البلاد مهددة بخطر كساد حقيقى.
للحد من تلك الآثار السلبية، قام الكونجرس بتمويل حزمة إجراءات اقتصادية غير مسبوقة فى التاريخ الأمريكى بقيمة تريليونى دولار. شملت مساعدة نقدية مباشرة لأصحاب الدخول الضعيفة والمتوسطة، قيمتها الإجمالية ٥٦٠ مليارًا، ١٢٠٠ دولار للفرد البالغ، و٥٠٠ دولار للطفل. نصيب الحكومات المحلية ٣٤٠ مليار دولار، والشركات الصغيرة ٣٧٧ مليار دولار، نصيب الإنفاق على الصحة العامة وإعانات البطالة وقروض الطلبة بلغ ٢٢٣ مليار دولار فقط، مقارنة بى ٥٠٠ مليار دولار للشركات الكبرى المتضررة من الأزمة، مما يعكس أولويات إدارة ترامب فى تنشيط الاقتصاد وليس فى مكافحة الوباء.
لم يكتفِ ترامب بتلك الحزمة الاقتصادية، بل مارس ضغوطًا على البنك المركزى لتقليل الفائدة قصيرة المدى إلى صفر، ولتشجيع الاقتراض قام البنك المركزى أيضا بشراء كميات غير محدودة من السندات الحكومية والعقارية، كان آخرها ٤ تريليونات دولار لحل أزمة السيولة ولتقليل تكلفة الاقتراض متوسط وطويل المدى، لتحفيز الإنفاق الكلى فى الاقتصاد، كما قدم ضمانات لقروض الشركات الكبيرة، ولأول مرة يقوم بالإقراض المباشر للشركات الصغيرة، متجاوزًا قنوات الإقراض المصرفية التقليدية عبر البنوك.
مدى فاعلية تلك الإجراءات غير المسبوقة، سواء على مستوى السياسة النقدية فى البنك المركزى أو السياسة المالية من وزارة الخزانة الأمريكية، يتوقف على قِصر أو طول المدة الزمنية لمحاصرة الوباء، ولن تنجح الإجراءات الاقتصادية من منع الكساد الاقتصادى القادم، الذى قد يدوم إلى ١٨ شهرًا، وهى المدة المتوقعة لاكتشاف مصل لفيروس كورونا. أتمنى أن أكون مخطئًا جدًا. اللهم لطفك ورحمتك