توقيت القاهرة المحلي 15:56:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قانون صناعة الأزمات

  مصر اليوم -

قانون صناعة الأزمات

بقلم عمرو الشوبكي

تصدر القوانين لتنظيم المجال العالم، فتواجه المخالفين وتردعهم، وتعدل من مسار خاطئ أو تحل أزمات موجودة، أما أن يصدر مشروع قانون من أجل صناعة أزمات فهذا ابتكار من الصعب تكراره إلا فى مصر، مثلما جرى مع قانون الجمعيات الأهلية الذى تقدم به مجلس النواب مؤخرا ويعرض حاليا على مجلس الدولة.

وكما هو معتاد فى هذه الحالات فلابد من تخويف الناس بقضايا لا علاقة لها بأغلب نصوص القانون ولا بأغلب الاعتراضات عليه، مثلما قيل من أن القانون يحارب جمعيات التمويل الأجنبى، وأن المعترضين هم المتلقون للتمويل الأجنبى، فى حين أن الحقيقة أنه يقتل العمل الأهلى المعتمد فى غالبيته الساحقة على التمويل المحلى، ويحمل الدولة نتيجة سيطرة العقلية الأمنية الضيقة أعباء كبرى سندفع جميعا ثمنها.

ولعل أى مقارنة بين قانون الحكومة والقانون المقترح من مجلس النواب ستكون فى صالح الأولى بصورة واضحة فى مفارقة تحتاج لكثير من التأمل.

إن تعريف العمل الأهلى فى القانون المقدم من مجلس النواب هو: كل عمل لا يهدف إلى الربح ويمارس بغرض تنمية المجتمع فى أحد المجالات المحددة بالنظام الأساسى لأحد الكيانات (بما يعنى أن الرعاية الصحية والاجتماعية لا تدخل فى تعريف العمل الأهلى)، أما التعريف فى القانون المقدم من وزارة التضامن فهو ينص على أن: العمل الأهلى هو عمل لا يهدف إلى الربح تمارسه أشخاص اعتبارية خاضعة لأحكام هذا القانون، تشكل بإرادة حرة بغرض تحقيق أهداف تنموية واجتماعية. وهو بذلك تعريف أدق وأشمل من التعريف المقدم من مجلس النواب.

أما القيود التى فرضت على التمويل المحلى حتى باتت تهدده وتقضى على فكرته من الأساس فهى لا حصر ولا مبرر لها، فالمادة 23 من القانون المقترح تقول:

للجمعية فى سبيل تحقيق أغراضها ودعم مواردها المالية، حق تلقى الأموال النقدية أو جمع التبرعات من داخل الجمهورية من أشخاص طبيعية أو اعتبارية مصرية أو أجنبية.

على أن تودع تلك الأموال فى حسابها البنكى دون التأشير فى سجلاتها بذلك، وأن تقوم الجمعية بتخصيص وإنفاق تلك الأموال فيما جمعت من أجله، ويشترط إخطار الجهة الإدارية عند التلقى، أو جمع التبرعات بثلاثين يوم عمل، وصدور الموافقة اللازمة لذلك، وتلتزم الجهة الإدارية بإخطار الجهاز بذلك، ولا يجوز الصرف من تلك الأموال إلا بعد صدور هذه الموافقة.

هل يعقل أن تقدم جمعية أهلية أسماء المتبرعين أو المشتركين فيها قبل شهر من دفعهم الاشتراكات؟، هل هناك جمعية كبيرة أو صغيرة تعرف مسبقا من سيتبرع لها ومن لن يتبرع ومن سيغير رأيه؟، وهل يعقل أن تنتظر جمعية أو مؤسسة صغيرة تعمل فى قرية أو حى ناءٍ شهرا حتى تتلقى موافقة الجهة الإدارية على أموال تلقتها قد لا تتجاوز بضع مئات أو آلاف من الجنيهات فتتوقف عن ممارسة نشاطها فى انتظار الموافقة إعمالا لنظرية «فوت علينا بكرة».

وأخيرا وليس آخرا، هناك إصرار على تكريس نمط غير موجود فى أى دولة ترغب أن تحترم مواطنيها وتنال ثقتهم، وهو اختراع أن عدم رد الجهة الإدارية على طلب التأسيس أو على فتح فرع آخر أو تلقى تمويل ولو محلى يعنى الرفض، وهو أمر نادر وغير مسبوق فعدم الرد فى أى عرف قانونى ودستورى يعنى الموافقة وفى حال الرفض لابد أن تخطر الجهة الإدارية الجمعية الأهلية بالأسباب التى دعتها لرفض طلبها، فلو كانت مشهرة تعرف عيوبها الداخلية وتصححها، ولو كانت أخطأت خطأ إداريا فتصححه، لا أن تكون العقوبة هى غرامة 200 ألف جنيه والحبس وكأنها جمعية إرهابية.

القانون يحتاج إلى مراجعة فورية فهو يحاصر العمل الأهلى المحلى المعتمد على التمويل المحلى، ويحمل الدولة مزيدا من الأعباء لا معنى لها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قانون صناعة الأزمات قانون صناعة الأزمات



GMT 02:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:31 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

GMT 07:42 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

GMT 05:04 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 13:30 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يحقق حلم محمد رحيم بعد وفاته
  مصر اليوم - تامر حسني يحقق حلم محمد رحيم بعد وفاته

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon