بقلم : عمرو الشوبكي
مرت أمس ذكرى استشهاد القائد المحارب الفريق عبدالمنعم رياض فى 9 مارس 1969 وسط جنوده وضباطه على جبهة القتال، حين سقط شهيدًا بنيران إسرائيلية وهو فى أحد المواقع العسكرية المتقدمة شرق القناة يقود معركة شرسة ضد القوات الإسرائيلية.
صعد القائد المحارب عبدالمنعم رياض فى التسلسل العسكرى عقب هزيمة 67، حين عرف الجيش المصرى أكبر عملية تغيير فى تاريخه بإقصاء كل القادة المسؤولين عن الهزيمة وتحوله من جيش يتدخل مباشرة فى السياسة إلى جيش مهنى محترف، فاختير الرجل فى 11 يونيو 1967 رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية، وبدأ مع وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة الجديد، الفريق أول محمد فوزى، إعادة بناء الجيش وتنظيمه وإعداده لانتصار أكتوبر.
وحقق عبدالمنعم رياض انتصارات عسكرية فى المعارك التى خاضها الجيش المصرى خلال حرب الاستنزاف، مثل معركة رأس العش، وتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات، وإسقاط عدد كبير من الطائرات الإسرائيلية، وفى يوم 9 مارس من عام 1969 أصر الفريق عبدالمنعم رياض على زيارة مواقع متقدمة فى الجبهة، وأثناء قيادته العمليات القتالية أصابته نيران إسرائيلية وتوفى متأثرا بجراحه.
أقيمت للقائد الشهيد جنازة مهيبة بقيت رسالتها الخالدة أن الجيش جزء من الشعب، وأن مشاركة مئات الآلاف من البشر فى هذه الجنازة عن حب وإيمان ودون أى إكراه عبّر عن ثقة عميقة فى القيادة السياسية والعسكرية التى لم تنفصل عن الشعب.
عبدالمنعم رياض هو واحد من قائمة شرف طويلة من قادة مصر المحاربين الذين تركوا بصمة علم وبناء وعطاء فى تاريخنا الوطنى والعسكرى، فهناك الفريق الراحل محمد فوزى، وزير الحربية الأسبق، الذى حارب عدوا حقيقيا وليس وهميا ولا مختلقا، ولذا كان كتابه عن حرب الاستنزاف (حرب الثلاث سنوات) ملهما يحمل علما عسكريا وسياسيا رفيعا (من أوائل الكتب المؤثرة التى قرأتها أثناء دراستى الجامعية)، وهناك أيضا الراحل العظيم الفريق أحمد إسماعيل على، وزير حربية نصر أكتوبر، وأيضا رئيس أركان الجيش المصرى فى نصر أكتوبر، الفريق سعد الدين الشاذلى، الذى يعد واحدا من أهم الشخصيات العسكرية فى تاريخ العرب، وهناك المشير عبدالغنى الجمسى بمهنيته ونزاهته ودوره الكبير فى حرب أكتوبر، وأيضا المشير عبدالحليم أبوغزالة، صاحب الرؤية الاستراتيجية العميقة التى سبقت عصره بعقود وغيرهم الكثير.
عبدالمنعم رياض كان نموذجا لجيل القادة المحاربين من أبناء الجيش المصرى، فهو جيل اهتم بالجوهر (أن يكون وسط جنوده فى قلب المعركة لا بعدها ولا قبلها) لا الشكل، ورهن حياته بطيب خاطر للدفاع عن الشعب والوطن، ولم يحارب معارك جانبية، وواجه عدوا قويا حقيقيا يحتل الأرض ومدججا بالسلاح بشرف وشجاعة.
رحم الله الشهيد القائد عبدالمنعم رياض.