بقلم : عمرو الشوبكي
كما هو متوقع رفضت حكومة الوفاق مبادرة القاهرة، وأعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية «رفض التدخل المصرى فى كل ما يهم الليبيين، لأننا دولة ذات سيادة»، ونسى أو تناسى أن حكومته سلمت المناطق التى تسيطر عليها ليس فقط للنفوذ التركى إنما أيضا لميليشيات إرهابية جلبها أردوجان إلى ليبيا فى استباحة كاملة للأرض الليبية.
وأضاف: «نستغرب أن يضع حفتر شروطا وهو المهزوم عسكريا»، وهى الجملة التى رددها العديد من قادة الوفاق واعتبروا أن المبادرة هى محاولة لإنقاذ حفتر من هزيمته العسكرية.
ورغم أن الواقع يقول إن قوات الوفاق المدعومة تركيًا قد سيطرت بمشاركة عناصر إرهابية جلبتها من سوريا على كل المدن التى سبق وأن سيطر عليها الجيش الوطنى فى الغرب الليبى، وأن تقدم قوات الوفاق وصل إلى مدينة سيرت الليبية وأعلن كثير من قادتهم أنهم ينوون اقتحامها والتقدم حتى مدينة مساعد على الحدود المصرية، بما يعنى خلق تهديد مباشر للأمن القومى المصرى.
ويبقى السؤال: لماذا إذن إعلان القاهرة إيجابى رغم تراجع حفتر وهزيمته فى معارك الغرب؟ لأن هذه الخطوة ولو جاءت متأخرة إلا أنها تمثل أول ظهور منسق على الساحة الدولية بين الجسم العسكرى (حفتر) والسياسى (البرلمان) لمشروع إعادة بناء الدولة الوطنية الليبية، بعد أن ظل غياب هذا التزاوج أحد أوجه القصور فى أداء قوات حفتر وداعميه طوال الفترة الماضية.
فلم يظهر مع حفتر أى مكون سياسى طوال حروبه ومفاوضاته الدولية ولم يسمع العالم تقريبا إلا عنه وعن أحمد المسمارى، المتحدث باسم الجيش الليبى، وظلت علاقته برئيس البرلمان المنتخب عقيلة صالح متوترة حتى وقت قريب.
مبادرة القاهرة اعتمدت بشكل أساسى على الداخل الليبى وتحديدا على مبادرة رئيس البرلمان، وتقوم على اختيار كل إقليم من أقاليم ليبيا التاريخية الثلاثة (طبرق وفزان وطرابلس) لممثل لها فى مجلس رئاسى جديد سواء بالتوافق بينهم أو بطريقة الاختيار السرى تحت إشراف الأمم المتحدة.
سيبقى أمام مبادرة القاهرة أربع تحديات أساسية: الأولى ترجمة ما جاء فى بنودها على أرض الواقع وهو لن يتم إلا بدعم دولى للمبادرة ووضع آلية لتنفيذها وليس فقط «دعم الجهود المصرية» كما جاء فى تعليقات عواصم الدول الكبرى، والثانى هو خطر التفاهمات الروسية التركية التى حدثت فى سوريا ومن الوارد أن تتكرر فى ليبيا لاقتسام كعكة النفط والغاز، أما الثالث فهو القدرة على إعادة التواصل مع قوى قبلية فى الغرب الليبى وداخل حكومة الوفاق والنخب السياسية من خارج جماعات التطرف والإرهاب من أجل المشاركة فى المسار السياسى، أما رابعا فهو أن تكون المبادرة غطاء سياسيا لدعم عسكرى واسع لقوات حفتر من أجل ردع التغول التركى ونفوذ جماعات التطرف فى ليبيا.