توقيت القاهرة المحلي 02:19:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تفكيك القديم

  مصر اليوم -

تفكيك القديم

بقلم:عمرو الشوبكي

أخطر ما جرى فى السودان فى أعقاب سقوط حكم الرئيس البشير فى ٢٠١٩، وكان أحد أسباب الاقتتال الأهلى، هو التركيز على إقصاء الأفراد الذين اعتُبروا جزءًا من النظام القديم دون الاهتمام بتغيير أو إصلاح المنظومة القديمة، فتحول الأمر إلى تصفية حسابات، أدت إلى احتقان سياسى، أدى مع أسباب أخرى إلى مواجهات مسلحة.
والحقيقة أن كثيرًا من تجارب التغيير العربية، ومنها مصر وتونس والسودان، تعاملت مع ما اصطُلح على تسميتهم رجال النظام السابق (الفلول) بطريقة فيها أوجه قصور جسيمة، فاستهداف الأشخاص لمجرد أنهم انتموا إلى مؤسسات الدولة القديمة، وحتى لو لم يرتكبوا أى جرائم، كان خطأ فادحًا، وخرجت قوانين للعزل السياسى فى أكثر من تجربة عربية، وتم استدعاء نظريات ثورية من متاحف التاريخ حدث فيها إقصاء وتنكيل برموز النظام القديم، كما جرى فى الثورة الشيوعية فى روسيا والصين.

والحقيقة أن تجارب التغيير والتحول الديمقراطى المعاصرة التى جرت فى أوروبا الشرقية وأمريكا الجنوبية وبعض بلدان إفريقيا وآسيا تجاوزت ما جرى فى الثورات التاريخية الكبرى، وأقصت فقط مرتكبى الجرائم من رجال النظام القديم، وليس أعضاء الأحزاب القديمة، بل إن كثيرًا منهم دخلوا فى المنظومة الجديدة دون أى مشاكل أو قيود.

فعلى سبيل المثال لا الحصر مستشارة ألمانيا السابقة، «آنجيلا ميركل»، كانت من «فلول» النظام القديم لأنها كانت عضوًا فى الحزب الشيوعى فى ألمانيا الشرقية، والذى اختفى ومعه البلد بأكمله لصالح منظومة جديدة أسست لألمانيا الموحدة، وكانت إحدى قادتها المستشارة السابقة.

إن عملية الإصلاح فى التجارب، التى أسست لدولة قانون ونظم ديمقراطية، هى التى حاسبت مرتكبى الجرائم من رجال النظم القديم، ولم تصف الحسابات أو تنتقم من الأشخاص، وعملت على وضع منظومة جديدة.

إن معضلة أى تجربة ترغب فى بناء نظام جديد تكمن فى قدرتها على تفكيك المنظومة القديمة، وليس استسهال الأمر بإقصاء بعض قيادات النظام القديم والإبقاء على المنظومة القديمة دون تغيير، كما حدث فى السودان، فى حين أن التحدى الحقيقى يكمن فى قدرة أى نظام جديد على تفكيك المنظومة القديمة، التى اعتُبرت سيئة وفاسدة وإقامة منظومة جديدة كفؤ تساعد على التقدم وبناء دولة القانون.

يقينًا هناك أسباب كثيرة للاقتتال المسلح فى السودان، لكن أبرزها هو فشل المسار الانتقالى نتيجة انشغال جانب من القوى المدنية باستهداف عناصر كثيرة صُنفت باعتبارها جزءًا من النظام القديم، ولم تعالج أوجه الضعف والقصور فى أدائها طوال المرحلة الانتقالية وحالة السيولة وعدم القدرة على اتخاذ قرارات إصلاحية جريئة تؤسس لمرحلة جديدة.

السودان يحتاج إلى توافق على بناء ملامح منظومة جديدة توقف الحرب وتنقذ الشعب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفكيك القديم تفكيك القديم



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 19:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والثنائيات الحرجة

GMT 19:06 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عن الصراع المتصاعد والمعنى الفلسفي

GMT 14:05 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سؤال المرحلة... أي مستقبل للمشروع الإيراني؟

GMT 14:02 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

حكومة “لا فَتَّتْ ولا غَمَّست” فلِمَ التعديل!

GMT 13:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

لحظات حرجة فى حياتى

GMT 13:58 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

كيف نحمى المقدرات المصرية؟

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مسافرون

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
  مصر اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 01:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا
  مصر اليوم - اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 02:01 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إدانة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي في قضية فساد
  مصر اليوم - إدانة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي في قضية فساد

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 09:13 2023 الثلاثاء ,12 أيلول / سبتمبر

بلماضي يعلن أن الجزائر في مرحلة بناء منتخب قوي

GMT 20:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسي يبحث القضايا الإقليمية مع نظيره القبرصي

GMT 02:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع عادل إمام

GMT 01:03 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

تقارير تؤكد أن لقاح كورونا يسبب العدوى أيضًا

GMT 08:57 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الخميس 22تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 07:50 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الحديد في مصر اليوم الأربعاء 7 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 00:27 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ميناء دمياط يستقبل 8 سفن للحاويات والبضائع العامة

GMT 02:36 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

بريطانيا تحذر من موجة ثالثة لكورونا

GMT 09:11 2020 الإثنين ,21 أيلول / سبتمبر

20 مؤشرًا لصناعة الغاز الطبيعي خلال عام

GMT 03:30 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

موريتانيا تسجل 171 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon