توقيت القاهرة المحلي 17:55:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تفكيك القديم

  مصر اليوم -

تفكيك القديم

بقلم:عمرو الشوبكي

أخطر ما جرى فى السودان فى أعقاب سقوط حكم الرئيس البشير فى ٢٠١٩، وكان أحد أسباب الاقتتال الأهلى، هو التركيز على إقصاء الأفراد الذين اعتُبروا جزءًا من النظام القديم دون الاهتمام بتغيير أو إصلاح المنظومة القديمة، فتحول الأمر إلى تصفية حسابات، أدت إلى احتقان سياسى، أدى مع أسباب أخرى إلى مواجهات مسلحة.
والحقيقة أن كثيرًا من تجارب التغيير العربية، ومنها مصر وتونس والسودان، تعاملت مع ما اصطُلح على تسميتهم رجال النظام السابق (الفلول) بطريقة فيها أوجه قصور جسيمة، فاستهداف الأشخاص لمجرد أنهم انتموا إلى مؤسسات الدولة القديمة، وحتى لو لم يرتكبوا أى جرائم، كان خطأ فادحًا، وخرجت قوانين للعزل السياسى فى أكثر من تجربة عربية، وتم استدعاء نظريات ثورية من متاحف التاريخ حدث فيها إقصاء وتنكيل برموز النظام القديم، كما جرى فى الثورة الشيوعية فى روسيا والصين.

والحقيقة أن تجارب التغيير والتحول الديمقراطى المعاصرة التى جرت فى أوروبا الشرقية وأمريكا الجنوبية وبعض بلدان إفريقيا وآسيا تجاوزت ما جرى فى الثورات التاريخية الكبرى، وأقصت فقط مرتكبى الجرائم من رجال النظام القديم، وليس أعضاء الأحزاب القديمة، بل إن كثيرًا منهم دخلوا فى المنظومة الجديدة دون أى مشاكل أو قيود.

فعلى سبيل المثال لا الحصر مستشارة ألمانيا السابقة، «آنجيلا ميركل»، كانت من «فلول» النظام القديم لأنها كانت عضوًا فى الحزب الشيوعى فى ألمانيا الشرقية، والذى اختفى ومعه البلد بأكمله لصالح منظومة جديدة أسست لألمانيا الموحدة، وكانت إحدى قادتها المستشارة السابقة.

إن عملية الإصلاح فى التجارب، التى أسست لدولة قانون ونظم ديمقراطية، هى التى حاسبت مرتكبى الجرائم من رجال النظم القديم، ولم تصف الحسابات أو تنتقم من الأشخاص، وعملت على وضع منظومة جديدة.

إن معضلة أى تجربة ترغب فى بناء نظام جديد تكمن فى قدرتها على تفكيك المنظومة القديمة، وليس استسهال الأمر بإقصاء بعض قيادات النظام القديم والإبقاء على المنظومة القديمة دون تغيير، كما حدث فى السودان، فى حين أن التحدى الحقيقى يكمن فى قدرة أى نظام جديد على تفكيك المنظومة القديمة، التى اعتُبرت سيئة وفاسدة وإقامة منظومة جديدة كفؤ تساعد على التقدم وبناء دولة القانون.

يقينًا هناك أسباب كثيرة للاقتتال المسلح فى السودان، لكن أبرزها هو فشل المسار الانتقالى نتيجة انشغال جانب من القوى المدنية باستهداف عناصر كثيرة صُنفت باعتبارها جزءًا من النظام القديم، ولم تعالج أوجه الضعف والقصور فى أدائها طوال المرحلة الانتقالية وحالة السيولة وعدم القدرة على اتخاذ قرارات إصلاحية جريئة تؤسس لمرحلة جديدة.

السودان يحتاج إلى توافق على بناء ملامح منظومة جديدة توقف الحرب وتنقذ الشعب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفكيك القديم تفكيك القديم



GMT 12:21 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

التشكيل المنتظر امتحان حسان الأول

GMT 09:37 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 09:34 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 09:29 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 09:28 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

معضلة الحل في السودان!

GMT 09:25 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

الكشف عن مقبرة مطربي الإله آمون

GMT 09:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 11:57 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يكشف سبب تصميمه على كتابة أغانيه
  مصر اليوم - تامر حسني يكشف سبب تصميمه على كتابة أغانيه

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

دار Blancheur تعلن عن عرض مميز لأزياء المحجبات في لندن

GMT 10:03 2020 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة عمل الفاصوليا البيضاء

GMT 04:45 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الأمن المصري يكشف حقيقة اختطاف فتاة في منطقة "المعادي"

GMT 10:07 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

الصحة: تسجيل 106 إصابات جديدة بـ كورونا و12 وفاة

GMT 11:56 2020 الخميس ,13 آب / أغسطس

7 أشكال غريبة لرفوف الكتب تعرفي عليها

GMT 17:04 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

مستشار الرئاسة التركية ياسين أقطاي يوجه رسالة إلى مصر

GMT 08:00 2019 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سيات أتيكا 2020 في مصر رسميًا

GMT 03:29 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

داليا مصطفى تتعرَّض لعملية نصب وتُحذِّر الفنانين

GMT 08:30 2019 الأحد ,23 حزيران / يونيو

تصميمات "الفيونكة" تزيّن مجوهرات العروس في 2019

GMT 17:44 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

بلاغ ضد هالة صدقي بسبب فيديو "حثالة المجتمع"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon