بقلم : عمرو الشوبكي
فوز بايدن فى انتخابات الرئاسة الأمريكية حقق أرقامًا غير معتادة فى التاريخ الأمريكى، فقد بلغت نسبة مَن صوّتوا فى هذه الانتخابات حوالى 68% من أبناء الشعب الأمريكى، وهى نسبة لم تتحقق منذ قرن، كما أن بايدن كسر القاعدة الغالبة، التى تقول بفوز الرئيس الذى فى السلطة، (حدثت آخر مرة منذ ربع قرن فى عهد جورج بوش الأب)، كما أنه اقترب من رقم 300 فى المجمع الانتخابى، (حصل على 290 حتى يوم الأحد)، وبقى ترامب عند 214 صوتًا، وهو فارق هائل، وأخيرًا، فإن بايدن، الذى لا يمتلك حضور كلينتون ولا أوباما، تفوق على ترامب فى التصويت الشعبى بحوالى 5 ملايين صوت.
ويبقى السؤال: ما الذى يمكن أن يتغير بعد فوز بايدن داخليًا وخارجيًا؟
لقد عاد إلى البيت الأبيض «رجل دولة» يحترم المؤسسات، وكل مَن تابع تصريحات بايدن، منذ فرز الأصوات حتى خطاب صباح أمس، سيكتشف أننا أمام خطاب مسؤول يتحدث عن دولة القانون والمؤسسات وترسيخ الديمقراطية و«دعم الأقليات الذين دعموه» ورفض خطاب التفرقة والكراهية والسعى للوحدة، كما أنه أعلن تشكيل فريق عمل لمواجهة جائحة كورونا بعد عشوائية ترامب، كما أنه سيلغى عددًا من قرارات ترامب شديدة السوء، مثل انسحاب أمريكا من منظمة الصحة العالمية، ومن اتفاق باريس للمناخ، كما سيلغى حظر دخول مواطنى عدد من الدول الإسلامية إلى أمريكا.
بالمقابل، فقد تبارى ترامب وبعض المقربين منه فى ترديد ادعاءات بالتزوير وعدم الاعتراف بالهزيمة، حتى ذكر أحدهم أن هناك 700 ألف صوت لترامب اختفت، وهو أمر لم يعد واردًا فى نظم الديمقراطية المقيدة أو فى الديمقراطيات الناشئة، فما بالنا بديمقراطية راسخة ودولة مؤسسات؟!
والمؤكد أن بايدن سيعيد علاقات أمريكا القوية مع أوروبا، وسيُعَقْلِن الصراع التجارى مع الصين، وسيظل فى خصومة مع روسيا لا تنزلق نحو المواجهة، وربما سيراجع الدعم المطلق لإسرائيل، بشرط أن يجد سلطة فلسطينية غير منقسمة وعالمًا عربيًا يضع حل القضية الفلسطينية ضمن سلم أولوياته.
أما بالنسبة لمصر فالمؤكد أن هناك «كلامًا فارغًا» كثيرًا ذُكر حول الحزب الديمقراطى حتى بدا وكأنه جزء من التنظيم الدولى للإخوان، وهو أمر يضر بصورة مصر ومصالحها فى العالم.
إن التحدى الذى ستواجهه مصر مع إدارة بايدن لن يكون دعم الإخوان، إنما فى التعاطف مع إثيوبيا، خاصة أن الأخيرة تقدم نفسها باعتبارها جزءًا من حركة الحقوق المدنية فى أمريكا، وتروج لدعاية سياسية تصور مصر على أنها دولة استعمارية ترفض التنمية والازدهار فى إثيوبيا.
ستمثل طريقة تعامل إدارة بايدن مع ملف سد النهضة أحد التحديات الحقيقية التى تواجه مصر فى علاقاتها بالإدارة الجديدة، ضمن ملفات أخرى سنتطرق إليها فى حديث الغد