لا أعرف سر مصادفة أن تكون الشرقية هى مصدر لأزمتين طرفهما طبيبان شابان أحدهما هو الدكتور محمود ناصر الذى أفرج عنه بعد اتهامه بالتربح من المرضى، وكل الرسائل التى تلقيتها حول قضيته أثبتت براءته.
أما الواقعة الثانية فهى التى كان طرفاها طبيبا شابا هو محمد حسن ووكيل النيابة المكلف ببحث إحدى القضايا فى مستشفى العاشر من رمضان الذى يعمل به الطبيب.
وقد تلقيت رسالة من النقابة العامة للأطباء جاء فيها: إن المشكلة ��دأت يوم 20 مارس 2018 الساعة السابعة مساء بانتقال أحد وكلاء النيابة لمستشفى العاشر من رمضان، لطلب بيانات خاصة بقضية تبحثها النيابة، حيث كان الطبيب محمد حسن، هو طبيب الاستقبال، وفى نفس الوقت النائب الإدارى، أى الطبيب المسؤول عن أى بيانات مطلوبة من المستشفى.
تأخر الطبيب عن عمل المطلوب نظراً لضغط العمل بالاستقبال، فغادر وكيل النيابة المستشفى (محق)، وأرسل طلب استدعاء للطبيب إلى النيابة.
وقد وصل الطبيب الشاب متأخرا أيضا وقالت النقابة إنه كان بسبب توفير بديل له فى الاستقبال، وكان المفترض أن يتم أخذ أقواله وتنتهى المشكلة عند هذا الحد، إلا أنه تم صرف الطبيب من النيابة بدون أخذ أقواله.
وتم استخراج أمر ضبط وإحضار له بعد صرفه من النيابة، ثم ألقى القبض عليه، وصدر قرار بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيق بتهمة تعطيل عمل النيابة والتصرف بشكل غير لائق، ثم أفرج عنه بعد ذلك بكفالة مالية 10 آلاف جنيه، وتم تحديد جلسة محاكمة سريعة له.
وقد أكدت النقابة العامة للأطباء فى رسالتها أن الطبيب لم يوجه أى إهانة ضد وكيل النيابة، وترى أن ظروف عمل الأطباء صعبة وشديدة القسوة، يجرم فيها إذا ما ترك مكان عمله فى الطوارئ، ويجرم ويقدم للمحاكمة إذا ما أصر على الالتزام بدوره المهنى وعدم مغادرة مكان عمله.
والحقيقة أن مثل هذه القضايا التى تتصاعد فى مجتمعنا مؤخرا، ويجب فيها التمييز بين المشاكل التى تحدث بسبب الحرص على الشكل أو اعتبار النفاق والكلام المعسول هو معيار المعاملة اللائقة، وبين الأمور الجدية التى تتعلق بطبيعة العمل المهنى الشريف لكل فئة داخل المجتمع المصرى.
وهنا لابد من التأكيد أن وكيل النيابة فى هذه المشكلة لم يأت للضيافة أو للتوصية على مريض إنما جاء فى مهمة عمل مهنى لاستجلاء الحقيقة وهنا له كامل الحق فى الاستماع لأقوال أى طبيب طالما هو من أجل العدالة والصالح العام، بل إن الحصانة التى يتمتع بها هى من أجل تحقيق العدالة وليس لأى أمور شكلية أخرى.
صحيح أن الطبيب الشاب كان يعمل هو الآخر ومن الوارد أن يخطأ فى التقدير، وقد يرى كثيرون أن استدعاءه الفورى للنيابة رد كاف.
علينا أن نجد حلولا لتلك المنغصات التى باتت تطل علينا كثيرا، وألا يكون هناك صراع على الأمور الشكلية أو استعلاء متبادل من مهنة تجاه أخرى، وأن نجد حلا لتك الأزمة قبل المؤتمر الطارئ الذى أعلنت عنه نقابة الأطباء فى بدايات الشهر القادم.
فلسنا فى حاجة لمواجهات فئوية من هذا النوع تضر بالجميع
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع