بقلم : عمرو الشوبكي
كثيرا ما يردد البعض لخرافة أنه لا توجد موضوعية ولا مهنية فى الصحافة والإعلام، وأنه لا يوجد إعلام غير منحاز، حتى فى أعتى النظم الديمقراطية.
والحقيقة أن هذه المقولة أشبه بالحق الذى يراد به باطل، لأنها تخلط بسوء نية بين الخبر أو الواقعة أو الحدث وبين قراءته أو التعليق عليه، فالخبر محايد وموضوعى بالمطلق، أما طريقة عرضه أو قراءته أو التعليق عليه فهى تختلف من مدرسة صحفية إلى أخرى ومن كاتب إلى آخر، وهؤلاء يمكن أن ينحازوا فى قراءته وتحليله لا تغيير وقائعه.
وفى مصر كثيرًا ما نجد نقاشًا حول وقائع مختلقة ويتبارى البعض فى تقييمها، هجومًا أو دفاعًا، فى حين أن الخبر أو الواقعة نفسها غير موجودة، وسنجد سلسلة لا حصر لها من القضايا التى راجت فى الإعلام وفى وسائل التواصل الاجتماعى دون أن يكون لها أى أساس من الواقع.
ولعل الصخب الذى دار حول رسائل هيلارى كلينتون لم يناقش فى معظمه ما جاء فيها، بدءا من التحالفات التى جرت مع قوى وشخصيات سياسية ومنها الإخوان المسلمون، والعلاقة بالمجلس العسكرى والموقف من مبارك، ومن ثورة يناير، وهى كلها أمور شديدة التعقيد وتحتاج إلى مناقشة موضوعية تنطلق من الرسائل نفسها وليس من إسقاطات سياسية لا علاقة لها بجوهر هذه الرسائل.
وباستثناء موقع مصر 360 الذى عرض مراسلات كلينتون الأصلية، فإن الصخب الذى دار حولها لم يكن له علاقة بالموضوع ولا بمضمون الرسائل، وهو أمر فى الحقيقة لا يخدم أى قضية بما فيها مواجهة الإخوان.
والمؤكد أن الوثائق الأمريكية بكل أشكالها لا يمكن الكشف عنها قبل مرور 25 عاما، وأحيانا لا يكشف عنها مهما مر من الزمن، فى حين أن مراسلات كلينتون ليست سرية كما روّج البعض ويمكن لأى صحفى أو باحث أن يطلع عليها.
وقد ذكر موقع مصر 360 أن هذه الرسائل موجودة على موقع الخارجية الأمريكية نفسها، تحت قسم FREEDOM OF INFORMATION ACT، أى أننا لسنا إزاء «تسريبات» بالمعنى المعروف، إنما هو مجرد إعلان من جهات رسمية، كما أنها لا تخص الشرق الأوسط فقط، إنما العالم كله، وتضم حوالى 40 ألف رسالة بريد إلكترونى، منها ما هو داخلى وما هو دولى، وأن ما يخص مصر 79 ورقة فقط.
يقينًا خطايا الإخوان قبل وبعد وأثناء حكمهم كثيرة، والمؤكد أن إدارة أوباما عارضت 30 يونيو، وانحازت للإخوان سياسيا، حتى لو كان لصالح الفوضى، كل هذا وارد أن يقال فى السياسة، لكن حين نتكلم عن واقعة متمثلة فى مراسلات فيجب أن يكون مضمونها حاضرًا كما هو ثم بعدها ننتقل للنقد والتحليل.