توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أزمة النموذج البريطانى

  مصر اليوم -

أزمة النموذج البريطانى

بقلم : عمرو الشوبكي

تعرضت الجالية المسلمة فى بريطانيا لحادث إرهابى فجر أمس راح ضحيته 3 أشخاص وأصيب 12 أثناء خروجهم من أحد المساجد الكبرى فى لندن، وأشارت التحقيقات الأولية إلى قيام 3 أشخاص بعملية الدهس (ألقى فورا القبض على أحدهم) وبدا وكأنه رد على عمليات الدهس والذبح التى تعرض لها مواطنون بريطانيون على يد إرهابيين مسلمين.

ومثل هذا الحادث جرس إنذار حقيقى من مخاطر المواجهات الأهلية داخل بريطانيا، وهو يعكس ليس فقط أزمة التعامل مع القوى المتطرفة سواء العنصرية البيضاء أو الجهادية التكفيرية، إنما أيضا أزمة النموذج البريطانى وطريقة تعامله مع الأقليات العرقية المختلفة حتى بات الأمر يحتاج إلى مراجعة كثير من السياسات المتبعة تجاه الأقليات العرقية.

ومن المعروف أن هناك نموذجين متنافسين فى أوروبا فى التعامل مع قضية المهاجرين والأقليات العرقية، هما النموذج الفرنسى والبريطانى، فالأول وصف دائما بأنه نموذج «إدماجى» يقوم على فكرة دمج الأجانب وفى القلب منهم المسلمون داخل المنظومة الثقافية والسياسية السائدة بل وأسس وزارة للاندماج (Integration) تساعدهم على الاندماج الثقافى والاجتماعى داخل النموذج العلمانى الفرنسى.

أما الثانى، أى النموذج البريطانى المنافس، فقد انطلق من فكرة احترام التجمعات العرقية Community وعدم الحرص على اندماجها داخل المنظومة الاجتماعية والثقافية السائدة، وأعطى لها هامشا واسعا، خاصة الإسلامية فى التعبير عن تميزها الثقافى بحرية تامة، فلا مانع من ارتداء الحجاب فى المؤسسات العامة والخاصة، ويمكن السير فى الشوارع بالنقاب أو الجلباب ويمكنهم غلق الشوارع الرئيسية للصلاة أثناء الأعياد.

والمؤكد أن النموذج البريطانى كان أكثر تسامحا وانفتاحا من النموذج الفرنسى ولا توجد أى قيود على ممارسة أى جالية لشعائرها الدينية والتعبير عن خصوصيتها الثقافية، كما انتخب البريطانيون مسلمين فى مواقع قيادية مثل عمدة لندن، وهو أمر مستحيل تصوره فى باريس أو أى مدينة كبرى فى فرنسا.

ولعل بداية الخلل أو الأزمة فى النموذج البريطانى كانت حين مدت هذا التسامح تجاه الأقليات العرقية والدينية المختلفة، حتى شملت المتطرفين ومشاريع الإرهابيين بحيث تصورت أنها حين تترك لهم هامشا للحرية ستتقى شرهم وهو ما لم يحدث.

يقينا النموذج البريطانى هو الأكثر تسامحا فى التعامل مع الأقليات العرقية فى أوروبا وربما العالم، ولكن أزمته الحقيقية أنه ترك لكل تجمع عرقى «الحبل على الغارب» دون أى قواعد أو حدود تضمن انسجامه مع القيم العامة السائدة فى المجتمع، فمسجد فينسبرى بارك الذى حدث فى محيطه الحادث الإرهابى تركته بريطانيا لسنوات لأمثال أبوحمزة المصرى يخطبون فيه ويبثون أفكارا تحض على الكراهية والعنف، حتى جاء اليوم ودفع المسلمون العاديون أرواحهم ثمنا لهذه السياسة.

النموذج البريطانى ليس مطلوبا منه أن يصبح فرنسيا فيخلط بين الاندماج والتماثل، إنما أن يحافظ على جوهره فى إعطاء أكبر قدر من الحرية للأقليات العرقية المختلفة للتعبير عن نفسها ثقافيا دون الترويج لدعاوى دينية سياسية أو حملات تحريض وكراهية لا علاقة لها بقيم المجتمع الأساسية.

المطلوب وضع الحرية الثقافية لكل تجمع عرقى (مطلوبة بشدة) داخل إطار قانونى واضح وصارم يوقف أى تطرف فى أفكارها أو خروج عن القواعد الدستورية والديمقراطية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة النموذج البريطانى أزمة النموذج البريطانى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon