توقيت القاهرة المحلي 01:38:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التجديد الشامل

  مصر اليوم -

التجديد الشامل

بقلم : عمرو الشوبكي

أثار النقاش بين رئيس جامعة القاهرة والإمام الأكبر شيخ الأزهر جدلًا واسعًا لدى قطاع واسع من الرأى العام، وفتح أسئلة صحيحة وأخرى مسكوتًا عنها، اتضح منها حجم الاحترام والتقدير الذى يتمتع به شيخ الأزهر لدى قطاع واسع من المصريين، ليس بالضرورة بسبب كل ما قال، إنما بسبب الحنين لمشاهدة شخصيات عامة تتمتع بالنزاهة والاستقلالية حتى لو اختلفت مع بعض أو كثير مما تقول.

والحقيقة أن القضية المثارة، وهى تجديد الخطاب الدينى أو تجديد الفكر الإسلامى، كما جاء فى مؤتمر الأزهر، تعد واحدة من القضايا المهمة التى يحتاج أن يناقشها المجتمع ونخبته الثقافية والدينية فى إطار تصوّر يسعى إلى التجديد الشامل لكل مناحى الحياة، ويبدأ بتجديد الخطاب السياسى والاجتماعى والثقافى والعلمى، فلا يمكن لأى مؤسسة دينية أن تتطور فى ظل واقع لا يشجع على العلم والتجديد ويكرس للعدل ودولة القانون.

إن أوروبا، على سبيل المثال، لم تجدد كنيستها نفسها إلا بعد أن تطور المجتمع نفسه ودخل فى عصر النهضة، واضطرت الكنيسة للانسحاب من المجال السياسى، وأصبحت ملتزمة بقواعد دولة القانون المدنية والديمقراطية، حتى لو عرفت فى القرون الوسطى مجددين وإصلاحيين، إلا أن انتقالها إلى مرحلة جديدة بدأ عقب تطوّر المجتمع نفسه، ولم يطالبها أحد بأن تطور فى ظل جزر استبداد وتخلف محيطة بها من كل جانب.

والمؤكد أن قضية التجديد لا تخص فقط قراءات النصوص الدينية ولا التفسيرات المنحرفة لصحيح الدين، لأنه لا يوجد نص فى تاريخ الإنسانية كلها منعزل عن سياقه الاجتماعى والسياسى، فكُتب ابن تيمية موجودة منذ قرون، والمفاهيم المتطرفة موجودة منذ أيام الخوارج.. ويصبح السؤال: لماذا تخفت هذه الأفكار فى بعض المراحل وتنتشر فى مراحل أخرى؟ لماذا تراجع الإرهاب واختفت تقريبا ظواهر التكفيريين والانتحاريين والانغماسيين فى بعض مراحل فى تاريخنا المعاصر، وظهرت بل راجت فى العقود الأخيرة رغم أن نصوصها واحدة لم تتغير؟.. والإجابة هى الواقع السياسى والاجتماعى الذى دفع البعض إلى الذهاب إلى تفسيرات التطرف والإرهاب.

السياق السياسى والاجتماعى هو المحدد الرئيسى وراء التطرف، وليس فقط أو أساسا النصوص الدينية التى يفسرها البعض بشكل متطرف نتيجة لظروفه المحيطة، وحتى لو أعلنت كل المؤسسات الدينية تبرُّؤَها منها، بل قرر البعض حرق كتب ابن تيمية ومفكرى التطرف الدينى العنيف فلن يختفى الإرهاب.

أسباب التطرف تكمن فى الواقع السياسى والاجتماعى، ويصبح السؤال ليس فى وجود هذه التفسيرات المنحرفة، إنما لماذا تتجه إليها قلة فى سياق سياسى معين أو يتجه لها كثيرون فى سياق آخر؟

يقينًا، نحتاج إلى تجديد الخطاب الدينى، ولكن نحتاج بصورة أكبر لتجديد الخطاب السياسى والاجتماعى والثقافى والعلمى حتى نتقدم خطوة حقيقية للأمام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التجديد الشامل التجديد الشامل



GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 08:18 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 08:15 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:51 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

أنواع مختلفة من الفساتين لحفلات الزفاف

GMT 06:29 2015 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

قضية فرخندة مالك زادة تفضح ظلم القضاء الأفغاني للمرأة

GMT 19:55 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنانة فاتن الحناوي بسبب إصابتها بفشل كلوي

GMT 03:38 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة التخطيط تؤكد أن 5000 فدان في الفرافرة جاهزين للزراعة

GMT 22:33 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

طريقة عمل البوظة السورية

GMT 09:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

توقيع رواية "ودارت الأيام" في بيت السناري

GMT 12:56 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

Snapchat سيتيح للمستخدمين قريبا تغيير "اسم المستخدم" الخاص بهم

GMT 06:41 2021 السبت ,19 حزيران / يونيو

الأرجنتين يتخطى عقبة أوروجواي بهدف نظيف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon