توقيت القاهرة المحلي 21:26:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العودة إلى «العلاوة يا ريس»

  مصر اليوم -

العودة إلى «العلاوة يا ريس»

بقلم : عمرو الشوبكي

فى معظم بلاد العالم يحتفل العمال بعيدهم فى يوم 1 مايو بصور مختلفة، تحمل رسالة تضامن ودعم، ليس فقط مع الطبقات الكادحة أو ما اصطلح على تسميته يساريا بالطبقة العاملة أو البروليتاريا، إنما أيضا مع قيم العمل والإنتاج، فى حين احتفلنا نحن بالعودة غير المجيدة لهتاف «العلاوة يا ريس» الذى اعتاد البعض تكراره طوال عهد مبارك وعادوا إليه أمس الأول فى احتفال الرئيس السيسى بعيد العمال.

المفارقة أن معظم دول العالم شهدت احتفالات بعيد العمال فى الشوارع، وندوات وأنشطة سياسية وثقافية، بعضها، مثل فرنسا، شهد مصادمات مع الشرطة، وبعضها الآخر اعتاد أن يشهد كل عام نفس هذه المصادمات مثل تركيا، كما عرفت بلدان غير أوروبية مثل الفلبين وإندونيسيا والهند وكوريا وكل بلاد أمريكا الجنوبية مظاهرات واحتفالات كبيرة من أجل التأكيد على قيمة العمل وحقوق العمال.

والمفارقة الحزينة أنه فى اليوم الذى يهتف فيه البعض فى مصر معذورا بـ«العلاوة يا ريس»، يخرج آلاف العمال والموظفين فى نفس هذا اليوم للتظاهر من أجل الدفاع عن حقوق العمال، وتذكرة النظم الرأسمالية بحقوق الطبقات الاجتماعية الفقيرة، خاصة العمال الذين دفعوا ثمنا باهظا من أجل تقدم هذه المجتمعات وبناء النظم الرأسمالية الحديثة.

وقصة عيد العمال أو العمل، كما يطلق عليه فى بلاد أخرى، تعود إلى عام 1886 حين قام عمال مدينة شيكاغو الأمريكية بإضراب بدأ فى 1 مايو، وطالبوا فيه بضرورة تحديد ساعات العمل بـ8 ساعات.

ولأن النظم الرأسمالية عرفت فى بدايتها توحشا وعنفا ضاريا، فقد وافقت الحكومة على الإضراب الذى حضره عمدة المدينة، ولكنه سرعان ما غادر القاعة بعد أن أصر العمال على مطالبهم، أعقبه انفجار قنبلة (اكتُشف بعدها بسنوات أن الشرطة التى وضعتها) قامت على إثره الشرطة بفض الاجتماع بالقوة وأطلقت النار على المحتجين فسقط قتلى وجرحى.

ومنذ ذلك التاريخ اعتُبر هذا اليوم هو عيد العمال فى كل دول العالم، ماعدا أمريكا التى اختارت يوم 6 سبتمبر كتاريخ لعيد العمل.

وظل العمال يحتفلون بصورة سلمية بهذا اليوم، وتحول الاحتفال الذى كان عبارة عن «حرب شوارع» فى منتصف القرن الماضى إلى رسالة تضامن متبادلة بين العمال والمجتمع، تكرس قيم العمل والإنتاج، خاصة بعد أن استقرت نسبيا العلاقة بين العمال من جهة، وأرباب العمل والسلطة السياسية من جهة أخرى على حل خلافاتهم بالتفاوض عبر ممثلين حقيقيين لكلا الطرفين.

إن هذا العالم الذى دفع العمال ثمنا باهظا من أجل تقدمه، لم يعرف فى بلدانه الشمالية أو الجنوبية ثقافة «العلاوة يا ريس»، فالجميع ناضل من أجل انتزاع حقوقه: العمال بصورة سلمية ومعهم مبادئ العدل والديمقراطية، وأرباب العمل والنظم السياسية بصور قمعية أولا إلى أن اضطروا مع ضغوط غالبية العمال إلى التخلى عن الأساليب القمعية واحترام قواعد الديمقراطية والعدالة.

والمؤكد أن رحلة بناء التقدم فى هذه المجتمعات لا تقوم على انتظار علاوة لا يصاحبها عمل أو جهد، إنما ببناء نقابات عمالية قوية ناضلت من أجل الحصول على حقوق من تمثلهم، ونظم رأسمالية حقيقية تحرص على التقدم وتكريس قيم الإنتاج والعمل. وبما أننا لم نفعل كثيرا فى هذا الإطار، لا نظم رأسمالية منتجة وديمقراطية، ولا نقابات عمالية مستقلة، فبقينا أسرى الهتاف الشهير «العلاوة يا ريس»، لا الدفاع عن ثقافة العمل والإنتاج وانتزاع الحقوق.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العودة إلى «العلاوة يا ريس» العودة إلى «العلاوة يا ريس»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon