بقلم : عمرو الشوبكي
حين تجدد الأحزاب السياسية رئاستها، أو حين يتنافس على قيادتها أكثر من شخص أو اتجاه فنحن أمام حالة إيجابية تستحق الثناء، وتكسر الصورة النمطية التى تعتبر أن الأحزاب مجرد غرف للثرثرة أو الاحتجاج أو تربيط المصالح.
وأذكر أنه طوال عهد الرئيس الراحل حسنى مبارك كانت هناك انتقادات توجه للنظام السياسى بعدم الديمقراطية وبالسعى لتوريث السلطة وفى نفس الوقت لا تطبق هذه الانتقادات على من يقولها أو على حزبه، وغابت الديمقراطية الداخلية وتداول السلطة عن معظم الأحزاب.
صحيح أن رئيس حزب الوفد محمود أباظة كان من أبرز السياسيين فى مصر الذين كسروا هذه القاعدة حين خسر بشكل ديمقراطى نزيه رئاسة الحزب أمام منافسه الدكتور السيد البدوى الذى بقى مدتين وسلم بعدها رئاسة الحزب للقيادة الحالية.
ولعل ما جرى أمس الأول فى مؤتمر حزب تيار الكرامة يستكمل الصورة الإيجابية التى شهدتها بعض الأحزاب حين غادر المهندس محمد سامى موقعه كرئيس للحزب فى أعقاب توافق أعضاء المؤتمر العام على انتخاب النائب أحمد طنطاوى رئيسًا جديدًا للحزب.
والحقيقة أن تلك الخطوة التى تمت بالتوافق وعبرت عن رأى أعضاء المؤتمر العام- سمحت بطريقة سلسلة لإجراء تجديد جيلى داخل الحزب، وهو أمر غير مستغرب على حزب رأسه واحد من أكثر السياسيين المصريين نزاهة واحترامًا وهو المهندس محمد سامى الذى تزاملت معه لأشهر طويلة فى لجنة الخمسين وعرفنا حجم إخلاصه وخصاله الحميدة.
التجديد الجيلى داخل أى حزب من الأحزاب أمر مطلوب وهو سنة من سنن الحياة وخطوة تضمن بقاء الحزب على الطريق الصحيح، ولكن لا تعنى تلقائيًّا تقدمه ولا سيره إلى الأمام لأن ذلك يتطلب أمورًا أخرى أبرزها «الشراكة الجيلية» (عنوان مقال سابق كتب عقب ثورة يناير) بمعنى ألا يتحول الحزب إلى «جيتو جيلى» مثل بعض الحركات الاحتجاجية التى يعلو صوتها فى فترة وتخبو فى معظم الفترات، وأيضًا العمل على أن يقوم الحزب بواجباته (Homework) بصرف النظر عن الظروف السياسية المحيطة.
صحيح هناك بعض الصعوبات على حركة الأحزاب السياسية، وهناك عزوف من الناس عن المشاركة فيها، كما أن الأحزاب ليست هى الجهة التى تفرز قيادات الصف الأول فى الحكومة التى لا تزال تشكل من غير الحزبيين لأسباب كثيرة منها ضعف الأحزاب نفسها.
والمطلوب من أى حزب شرعى يعمل فى إطار الدستور والقانون أن ينظر للظروف المحيطة على أنها تحديات تفرض عليه التحرك بشكل مختلف وأن يعتبر الاشتباك مع قضايا السياسات العامة من صحة وتعليم وخدمات جانبًا رئيسيًّا من رسالته، وأن يعمل على بناء كادر سياسى قادر على القيادة والإدارة ويمتلك الرؤية السياسية وليس فقط، أو أساسًا، مجرد صوت احتجاجى يعرف ما لا يريده ولا يعرف ما يريده.
مبروك التجديد الديمقراطى فى تيار الكرامة وأى مكان