توقيت القاهرة المحلي 14:47:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإسقاط على «يوليو»

  مصر اليوم -

الإسقاط على «يوليو»

بقلم : عمرو الشوبكي

مدهش جانب من هذا النقاش الذى يدور على مواقع التواصل الاجتماعى حول ثورة يوليو، فكل مَن يختلف مع عصر من العصور التالية لها يُحمل «يوليو» المسؤولية، فمَن يختلفون مع العهد الحالى يقولون إن «يوليو» هى السبب، ومَن يختلف مع الرئيسين الراحلين مبارك والسادات فيقول إنهم نتاج عبدالناصر و«يوليو»، حتى غاب التقييم الموضوعى للتجربة نفسها، والذى يناقشها بما لها وما عليها فى ضوء سياقها التاريخى.

إن النقاش حول «يوليو» ترك الحدث الكبير وأسقط موقفه من العصور التالية على ثورة يوليو، واعتبر البعض أن مشاكل مصر الحالية سببها نظام «يوليو»، المطلوب شطبها أو طمسها من تاريخنا المعاصر.

والحقيقة أن تقييم «يوليو» يجب أن يقوم مثل كل تجارب التغيير الكبرى فى العالم على بعدين أساسيين: الأول هو نظامها، والثانى هو مشروعها، فالأول يمكن نقده أو تجاوزه أو حتى التخلص منه لأنه بحكم الطبيعة نتاج عصر محدد وسياق بعينه، أما المشروع فيتمثل فى مبادئ ثورة يوليو فى التحرر والاستقلال الوطنى والنظام الجمهورى والعدالة الاجتماعية والتنمية المستقلة والنهضة الثقافية والعمل من أجل الوحدة العربية والإيمان بحركة الشعوب ودورها، وهو باقٍ.

حصيلة تجربة ثورة يوليو لم تكن كلها إيجابية كما يصورها البعض ولا كلها سواد كما يتحدث عنها البعض الآخر، فعبدالناصر مسؤول عن هزيمة ٦٧، حتى لو اعترف بمسؤوليته عنها واستقال، ومسؤول عن تجاوزات أمنية حاول أن يصححها متأخرًا، ومسؤول أيضًا عن التوسع فى التأميم حتى طال قطاعات غير استراتيجية لم يكن مطلوبًا تأميمها، ولذا مطلوب أن تميز مجتمعاتنا بين قيم ومبادئ أى تجربة تاريخية، وعلى رأسها ثورة يوليو، وبين نظامها، الذى هو محل نقد ومتغير.

سيبقى حضور «يوليو» فى التاريخ ليس بسبب الخلاف حول كثرة أو قلة أخطائها، إنما لأنها حملت مشروعًا سياسيًّا قام على التحرر والاستقلال الوطنى، الذى ناضلت من أجله معظم دول الجنوب والعالم الثالث، أما أخطاؤها فهى كثيرة، ونظامها السياسى مطلوب تجاوزه، والفرق بين النظام والمشروع يجعل كل هذا التشنج حول ثورة يوليو لا قيمة تُذكر له لأن «يوليو» لم تكن مجرد نظام سيختفى بالسباب أو ينتشر بالمديح، إنما كانت مشروعًا سياسيًّا لا تزال مبادئه حاضرة فى مصر والعالم العربى، ولذا فلن نندهش فى فهم سر بقاء الثورة الفرنسية، التى عرفت نظامًا فيه قتل وعنف وانتكاس عن مبادئ الثورة، ولكنها عرفت أيضًا مبادئ عابرة للزمن، فسقط نظام الثورة الفرنسية، وبقيت مبادئها قى الحرية والمساواة والإخاء، ونفس الأمر سينسحب على كل تجارب التحرر والاستقلال الوطنى، التى رفعت رايتها بلدان كثيرة فى العالم، وعلى رأسها ثورة يوليو فى مصر، فستبقى قيم هذه التجارب حاضرة مادامت هذه البلدان فى حاجة إلى العدالة والتنمية والكرامة الوطنية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإسقاط على «يوليو» الإسقاط على «يوليو»



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 12:22 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

عمرو دياب يتألّق عند سفح أهرامات الجيزة
  مصر اليوم - عمرو دياب يتألّق عند سفح أهرامات الجيزة

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon