توقيت القاهرة المحلي 06:10:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأمن وحده لا يهزم الإرهاب

  مصر اليوم -

الأمن وحده لا يهزم الإرهاب

بقلم : عمرو الشوبكي

للأمن دور رئيسى فى مواجهة الإرهاب ، قد يحاصره وقد يوجه له ضربات، لكنه لن يهزمه دون إجراءات سياسية واجتماعية موازية، بل فى بعض الأحيان قد يكون الحل الأمنى والعسكرى عاملاً وراء انتشار الإرهاب مثلما جرى عقب الغزو الأمريكى للعراق، وكما حدث فى مناطق أخرى من العالم.

لقد قضت مئات الجامعات ومراكز الأبحاث الكبرى وقتا طويلا حتى تحاول أن تفهم ظاهرة الإرهاب والعناصر التكفيرية، أو التطرف الإسلامى، كما يسميه البعض، واعتبرتها بالأساس ظاهرة «انحراف مجتمعى» قبل أن تكون عناصر إجرامية مطلوب القصاص منها، وانشغلت بسؤال غائب عنا: لماذا وكيف يصبح هؤلاء البشر إرهابيين؟ والإجابة كانت غالبا أنهم أصبحوا إرهابيين لأسباب إما دينية عقائدية مثلما كان الحال مع التنظيمات الجهادية الكبرى فى مصر كالجهاد والجماعة الإسلامية أو الجماعة السلفية الجهادية فى المغرب أو تنظيم القاعدة فى طبعته الأولى قبل 11 سبتمبر، وهناك من أصبحوا إرهابيين لأسباب أساسا اجتماعية نتيجة التهميش المجتمعى والعنصرى والفشل الدراسى والمهنى مثلما هو الحال مع معظم الإرهابيين الذين قاموا مؤخرا بتفجيرات إرهابية فى أوروبا وأمريكا دون أن ينسوا إضافة الصبغة الدينية، وهناك ثالثا إرهابيون لأسباب مذهبية وهؤلاء وجدناهم فى العراق حين انتقل الحكم من «السنية السياسية» إلى «الشيعية السياسية» فجأة، فوجد القاعدة ثم داعش تربة خصبة لنشر مشاعر كراهية وعداء بحق الشيعة واستهدافهم على الهوية المذهبية، وهناك أخيرا إرهابيون لأسباب سياسية ودينية (مشوهة) تبنوا خطاب مظلومية وروح انتقام ثأرى مثلما هو الحال مع نوعية متصاعدة من الإرهابيين الجدد فى مصر (وغيرها من الدول)، وهنا سنجد أن أدوات التجنيد تقوم أساسا على بث خطاب انتقام من الدولة التى يصفونها بالظالمة، وتتم مواجهة هذا الخطاب بالأمن، فلم يتراجع الإرهاب بل ربما زاد.

استهداف المسيحيين ليس فقط إرهابا طائفيا كما هو متكرر، إنما أيضا وراءه مفردات سياسية (باطلة بالتأكيد) تعتبرهم حلفاء للنظام فتبرر الجرم وسفك الدماء مثلما هو حادث أيضا مع رجال الشرطة والجيش.

ولأن مصر ليس فيها سياسة ولا مشروع سياسى وجزء من طاقة أجهزتها الأمنية مفرغ فى معارك مع تيارات لا علاقة لها بالإرهاب (عملها جمع المعلومات فيما يتعلق بالتطرف ومكافحة الإرهاب)، ودخلت فى أدق تفاصيل المشهد السياسى وحولت كثيرا من الكيانات والمؤسسات الشرعية إلى مسوخ مشوهة، وهى بذلك تؤزم الوضع الداخلى وتزيد من الاحتقان المجتمعى بدعم كل محرض على القتل فى الإعلام، وكل بلطجى يهدر أحكام القضاء ويسىء للنظام القائم حتى تراجع الظهير الشعبى الكبير الذى أيد 30 يونيو والرئيس.

الحلول الأمنية والقوانين الرادعة مطلوبة، ولكنها لن تحل مشكلة البيئة الحاضنة للإرهاب، هى بالتأكيد ستوجع التنظيمات الإرهابية التى توجعنا، ولكن معركة الدولة مع الإرهاب ليست فى مساحة الثأر والانتقام إنما فى تغيير طبيعة البيئة الحاضنة التى تفرز كل يوم إرهابيين جددا. هذا التحدى ليس أمنيا إنما تحدٍّ أمام النظام السياسى برمته. فهناك حوار سياسى غائب وهناك مفردات تردد غير مقنعة لأغلب الشباب، وهناك غياب لمسار سياسى يحول مسار الإرهابيين المحتملين إلى معارضين سلميين، فالصورة تبدو أمامهم مغلقة تماما فيسهل وقوعهم فريسة لخطاب التحريض على العنف، والأموال التى تُدفع.

المدهش والصادم أن النظام السياسى يتعامل معهم بروح الاستغناء، وكأنه يقول: لا مانع أن تصبحوا إرهابيين وسنواجهكم بالأمن، فيفشل، لأن المواجهة الحقيقية تبدأ حين يحول دون تحول أغلب هؤلاء الشباب لإرهابيين بإجراءات سياسية واجتماعية.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمن وحده لا يهزم الإرهاب الأمن وحده لا يهزم الإرهاب



GMT 08:14 2017 الأحد ,26 آذار/ مارس

نزيفنا الدامى

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon