توقيت القاهرة المحلي 22:28:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بين الديمقراطيين والجمهوريين

  مصر اليوم -

بين الديمقراطيين والجمهوريين

بقلم:عمرو الشوبكي

النقاش حول الحزبين الكبيرين ورموزهما في أميركا لا ينتهي، والخلاف حول علاقتهما بالعالم العربي والقضية الفلسطينية مستمر منذ عقود، وتعمَّقَ في الفترة الأخيرة عقب العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، وبعد وصول الرئيس ترمب إلى سدة الرئاسة. والحقيقة أن تأييد الجمهوريين أو الديمقراطيين من قبل أفراد أو دول أو مؤسسات لأسباب فكرية أو سياسية أو مصالح اقتصادية أمر طبيعي ومشروع، لأن الدنيا كما يقال اختيارات، ولا يوجد موقف مبدئي من أي من هذين التيارين، لكن سيبقى من المهم الإشارة إلى أن الموقف منهما لا يحكمه فقط الموقف من برامجهما وسياساتهما، إنما أيضاً من أداء الرئيس في الحكم والإدارة و«بروفايل» الفريق الذي سيحكم معه وخبراته وعلاقته بالعالم ومدى إيمانه بالقيم المدنية والإنسانية الحديثة.

من هنا تبرز أهمية الحذر في التعامل مع إدارة ترمب وعدم اعتباره جمهورياً تقليدياً ينتمي لليمين المحافظ الذي قدم رؤساء كباراً لأميركا والعالم وكان بعضهم علاقته قوية وطيبة بالعالم العربي، وفيها احترام وتقدير لقيم التنوع الحضاري وأيضاً حرص على المصالح الاقتصادية والجيوسياسية المشتركة، وظل بالقطع الدعم المطلق لإسرائيل من ثوابت السياسة الخارجية الأميركية سواء من كان في البيت الأبيض رئيس جمهوري أو ديمقراطي.

من هنا، فإن دعم اليمين التقليدي المحافظ ممثلاً في أميركا بالحزب الجمهوري، وفي أوروبا بتيارات يمين الوسط (الديغوليون في فرنسا والديمقراطيون المسيحيين في ألمانيا وغيرهم) أمر طبيعي، وله وجاهة خاصة إذا وجدنا أن من يقابلهم يسار يرفع شعارات ويثرثر في السياسة أكثر مما يعمل ويعتبر التطبيع مع «المثلية» وفرضها (وليس فقط قبولها) على المجال العام من الأهداف السامية لبعض التيارات داخل الحزب الديمقراطي في أميركا. ومع ذلك، فإن الاتجاهات الرئيسية داخل الحزبين الديمقراطي والجمهوري لها بريق لدى قطاعات واسعة من الناس، فهناك بريق لليمين التقليدي والقومي الذي يدافع عن السيادة الوطنية ويرفض جوانب كثيرة من العولمة والحدود المفتوحة التي جلبت ملايين اللاجئين إلى البلاد، وكثير منهم غير نظاميين. كما أن هناك بريقاً آخر للحزب الديمقراطي بدفاعه عن حقوق الأقليات (وليس فقط المثليين) وإيمانه بالتنوع الحضاري والثقافي وكون كمالا هاريس كانت مرشحة الحزب الديمقراطي وقبلها كان الرئيس أوباما فهي رسالة واضحة أن أميركا دون غيرها من دول الغرب يمكن أن يكون رأس الدولة من أبوين مهاجرين، كما أن لدى الديمقراطيين موقف أفضل جزئياً من الجمهوريين، فيما يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني، كما أنهم في السياسات الداخلية أكثر حرصاً على الطبقات المتوسطة والفقيرة من الجمهوريين، صحيح أن الأخيرين يقولون العكس نظراً لأنهم يدعون لخفض الضرائب، وبالتالي يشجعون أكثر على الاستثمار الذي ستستفيد منه الطبقات الشعبية فعلاً وليس كلاماً، وذلك في إطار ردهم على الديمقراطيين.

إذن المشروعية السياسية في الترحيب بالجمهوريين أو الديمقراطيين عالمياً وعربياً لها وجاهة، ولكن يجب التعامل بحذر أكبر حين ينتقل هذا التعامل من اليمين التقليدي المحافظ إلى اليمين المتطرف أو الشعبوي أونموذج الرئيس ترمب، فلا يجب الرهان فقط أو أساساً على كونه رجل مال «وبيزنس» يفهم كما يقال لغة المكسب المتبادل (Win Win) ويمكن الوصول معه إلى تفاهمات تحقق المصالح المشتركة مع العالم العربي، وخاصة دوله الثرية، إنما يجب أيضاً الأخذ بعين الاعتبار أن جانباً من توجهاته سيكون شديد الوطأة والصعوبة على القضية الفلسطينية وعلى عدد ليس بالقليل من الملفات الدولية.

هناك فارق كبير بين مواقف كثير من أحزاب اليمين القومي في الدول الغربية التي ترفع شعار «بلدنا أولاً» وتستدعي مفاهيم السيادة الوطنية في مواجهة العولمة وترفض استقبال مزيد من المهاجرين وتنوي ترحيل غير النظاميين منهم وبين نموذج اليمين المتطرف أو على الأقل خطاب اليمين المتطرف الذي يتبناه ولو جزئياً ترمب بشكل تلقائي وغير آيديولوجي، فلديه موقف سلبي من مختلف الأقليات العرقية «غير البيضاء» من أفارقة ومكسيكيين وعرب وهنود، كما أن إداراته السابقة اتسمت بالعشوائية في الأداء، ولولا أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات قوية لكان الرجل نجح في تغيير كثير من القواعد المستقرة داخل النظام السياسي الأميركي.

علينا أن نسلم بأن التوجه السياسي والاقتصادي ليس هو المدخل الوحيد لتقييم توجهات أي رئيس أو نظام سياسي أو حزب، إنما يجب أيضاً إضافة «تقييم الأداء» وأيضاً المشاركة في القيم الإنسانية الأساسية من مساواة ورفض للتمييز وإيمان بالقانون والعدالة، وهي قيم يتفق عليها نظرياً الجمهوريون والديمقراطيون واليسار واليمين، ولذا فإن أي أداء عشوائي أو فاسد أو تبني آراء متطرفة أو تمييزية من أي تيار أو لون سياسي يجب أن يرفض حتى لو كان هذا التيار مطابقاً لتوجهنا السياسي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين الديمقراطيين والجمهوريين بين الديمقراطيين والجمهوريين



GMT 08:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 08:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الهُويَّة الوطنية اللبنانية

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

عقيدة ترمب: من التجريب إلى اللامتوقع

GMT 07:51 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

صعوبات تواجه مؤتمر «كوب 29» لمكافحة التغير المناخي

GMT 07:45 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واقعية «سرقات صيفية» أم واقعية «الكيت كات»؟

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

رأس شيطان ضمن أفضل 10 مناطق للغطس في العالم
  مصر اليوم - رأس شيطان ضمن أفضل 10 مناطق للغطس في العالم

GMT 21:11 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يؤكد أنّ حماس لن تحكم غزة بعد الحرب
  مصر اليوم - نتنياهو يؤكد أنّ حماس لن تحكم غزة بعد الحرب

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
  مصر اليوم - فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 12:44 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسماء أبو اليزيد تنضم إلى الفنانات المطربات
  مصر اليوم - أسماء أبو اليزيد تنضم إلى الفنانات المطربات

GMT 09:04 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

فولكس واغن تعيد إحياء علامة الأوف رود الأميركية "سكاوت"

GMT 15:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 09:10 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مشروع مصري- بريطاني للأمن الغذائي وتقليل واردات القمح

GMT 17:01 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 14:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

المغربي نزار زوهري يفوز بلقب نهائي "Jam Show"

GMT 04:53 2022 الثلاثاء ,18 كانون الثاني / يناير

12 مليون جنيه تنهي نصف أزمة التجديد لبن شرقي في الزمالك

GMT 02:46 2022 الجمعة ,17 حزيران / يونيو

أفضل المطاعم اللبنانية للعائلات في أبوظبي

GMT 12:14 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 12 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 18:48 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الوجهات السياحية التي تعدّ الأكثر أمانًا في العالم

GMT 02:15 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

رافائيل نادال يرفض تعديل نظام بطولات الجراند سلام في التنس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon