توقيت القاهرة المحلي 01:59:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصوت والصورة

  مصر اليوم -

الصوت والصورة

بقلم:عمرو الشوبكي

كان الناس فى فترات سابقة يستمعون بالصوت لأخبار ما يجرى خارج حدودهم من حروب ومآسٍ أو حتى أخبار سارة، ثم عادوا وأصبحوا يشاهدون بالصوت والصورة نفس الأخبار مع اختراع التليفزيون، ومع بدايات الألفية الثالثة أصبح أمام كل مواطن فرصة لكى يذهب لوسائل التواصل الاجتماعى ينهل من سيل الأخبار التى حوله أيضًا بالصوت والصورة ويتابع ما يجرى فى الدنيا كلها.

وقد تكون حرب غزة نموذجًا لهذا التحول العالمى الذى جرى فى السنوات الأخيرة ليس فقط لأنها أطول حروب عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، إنما لأن أحداثها نقلتها بالصوت والصورة ليس فقط الفضائيات العربية والعالمية، إنما أيضًا مختلف وسائل التواصل الاجتماعى وشاهد العالم آنين الأمهات الثكالى وصور أشلاء الأطفال التى حركت أشكالًا مختلفة من التضامن الإنسانى مع أهل غزة.

علينا أن نتأمل الفارق الكبير بين دوافع احتجاجات الطلاب فى ١٩٦٨ فى أمريكا وفرنسا على حرب فيتنام وبين احتجاجات اليوم على حرب غزة، صحيح أن أحد الدوافع الرئيسية وراء احتجاجات ٦٨ كانت وقف الحرب فى فيتنام، مثلما يطالب الطلاب اليوم بوقف الحرب فى غزة، ولكن مع فارق أساسى هو أن طلاب جامعة «نانتير» الفرنسية الذين تظاهروا احتجاجًا على حرب فيتنام وقمعتهم الشرطة كانت تحركهم أيديولوجيات يسارية بعضها ينتمى لما عُرف باليسار الجديد، والبعض الآخر ينتمى لتنظيمات اليسار الثورى أو المتطرف، وكان الكتاب الفكرى والتنظيم والبرنامج السياسى «الثورى» هو الذى دفع هؤلاء الشباب نحو الرفض والاحتجاج، وكان حضور الصورة محدودًا، ولم تكن هناك فضائيات عربية أو أجنبية ولا منصات تواصل اجتماعى، وفرض الجيش والإدارة الأمريكية حظرًا كبيرًا على نشر أى أخبار أو صور تأتى من فيتنام.

ولنا أن نتصور وزن الأيديولوجيا السياسية فى تعبئة طلاب فرنسيين ضد حرب فيتنام التى لا تشارك فيها بلدهم ولا يشاهدون صورها، ومع ذلك كانت أحد الأسباب الرئيسية وراء اندلاع واحدة من أكبر وأعنف الثورات الطلابية فى العالم، وأن الأمر اختلف فيما يتعلق بحرب غزة، فالصوت والصورة والوسائط البديلة على مختلف مواقع التواصل الاجتماعى خلقت طوفانًا حقيقيًا من التضامن الإنسانى مع أهل غزة، حركته الجرائم المروعة التى تجرى بحق المدنيين العزل، فالغالبية العظمى من هؤلاء المحتجين المتضامنين لا يتعاطف مع أيديولوجية حركة حماس ومشروعها الفكرى والسياسى، كما فعل الطلاب اليساريون فى ستينيات القرن الماضى حين تضامنوا مع رفاقهم اليساريين فى فيتنام ضد «الإمبريالية الأمريكية»، إنما تضامن مع غزة طوفان من البشر يضم مختلف الأديان والأعراق، بمن فيهم اليهود، خاصة فى أمريكا، وأعلنوا رفضهم تلك المجازر المروعة للضمير الإنسانى.

أصبح دور الصوت والصورة ليس فقط نقل الأخبار، إنما أيضًا تشكيل وعى وتحركات سياسية جديدة لم يعرفها العالم من قبل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصوت والصورة الصوت والصورة



GMT 10:04 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الجزيرة وأماليا

GMT 10:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

أميركا بين نظرتين

GMT 10:00 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

العبودي... والعميل السرّي (حمَد)!

GMT 09:57 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

ما قبل الصناديق

GMT 09:55 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الظهور المبللة

GMT 08:55 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

قل غير متزوجة ولا تقل «عانس»

GMT 08:51 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

لولا فُسحةُ الأمل

GMT 08:49 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

العقل والمصلحة فى تعميق مساحات الاتفاق

النجمات العرب يتألقن أثناء مشاركتهن في فعاليات مهرجان فينيسيا

القاهرة ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - إستخدام اللون الفيروزي في ديكور المنزل المودرن

GMT 10:54 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

فوائد القمح " النخالة" للأطفال في الوقاية من الربو

GMT 06:48 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تكشف خطورة السجائر الإلكترونية

GMT 11:53 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

عطر CH Men Privé"" الرجالي حكاية عن الجاذبية التي لا تٌقاوم

GMT 09:36 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

سيارة "بورش 911 كاريرا كوبية" تحت المجهر

GMT 04:46 2021 الأحد ,20 حزيران / يونيو

أفضل 5 مدربين في الدوري الإنجليزي هذا الموسم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon