توقيت القاهرة المحلي 06:00:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تطور العلمانية

  مصر اليوم -

تطور العلمانية

بقلم:عمرو الشوبكي

تغيرت العلمانية التركية، ولم تعد هي نفسها العلمانية المتشددة التي طُبقت قبل 100 عام، فقد قبلت بحضور الدين في المجال العام وليس المجال السياسى، وقبلت بمظاهره وطقوسه على المستوى الثقافى داخل المجتمع وعلى المستوى السلوكى بين الأفراد.
وقد بدأت رحلة الجمهورية العلمانية التركية في عام ١٩٢٣، أي بعد عام من إلغاء مصطفى كمال أتاتورك الخلافة العثمانية، حيث أسس الرجل منظومة قيم جديدة تبنّت الاستقلال الوطنى وأسست الجمهورية العلمانية، ولم يكن فيها أتاتورك مجرد مصلح وزعيم سياسى كبير، إنما أيضًا بطل تحرر وطنى للأمة كلها.

وقد وضع أتاتورك دستورًا جديدًا للبلاد في عام ١٩٢٤ أعطى لنفسه الحق في تبوؤ منصب رئاسة الجمهورية ثلاث فترات أخرى (1927، 1931، 1935)، وذلك بعد أن اختير من قِبَل «مجلس الأمة التركى الكبير» رئيسًا في أكتوبر 1923.

ومنذ ذلك الوقت تبلور المشروع العلمانى والسياسى في البلاد، والذى قام على الاستقلال الوطنى ورفض كل صور الهيمنة والتدخل الأجنبى في القرار التركى، وسيطرت الدولة على المدارس، وألغت التعليم الدينى وتطبيق الشريعة، وحظرت تعدد الزوجات، كما منعت النساء من ارتداء الحجاب، وجعلت الأذان باللغة التركية، ولكن في نفس الوقت أعطت الجمهورية الناشئة المرأة حقوقًا متساوية، بما في ذلك حق التصويت وشغل المناصب الحكومية، كما نفذ سياسة التأميم في الاقتصاد، وسياسة التتريك ضد الأقليات العرقية، وقام بتغيير أسماء المدن والأماكن إلى اللغة التركية مثل القسطنطينية، التي أصبحت اسطنبول، وسميرنا أصبحت إزمير، وأنغورا أصبحت أنقرة.

ورفع أتاتورك شعار «السهام الستة»، الذي طرح فيه برنامجه، وهو يُذكرنا بالمبادئ الستة التي رفعتها ثورة يوليو ١٩٥٢ في مصر، وعمّق الرجل توجهاته العلمانية في عام ١٩٢٧ حين قرر حذف كافة النصوص الدينية من المادة السادسة والعشرين من دستور ١٩٢٤، والتى تنص على أن الإسلام هو دين الدولة.

والمؤكد أن بدايات التجربة العلمانية التركية كانت إقصائية، وفرضت نموذجًا حداثيًّا علمانيًّا يستبعد الدين من المجال العام وليس فقط المجال السياسى، ولكنها في نفس الوقت فصلت الدين عن السياسة، وهى قيمة ظلت باقية، وحمَت تركيا من مصائر سوداء عرفتها دول أخرى.

يقينًا، محاولات الخروج عن هذه العلمانية الإقصائية بدأت على يد زعماء جاءوا من التيار العلمانى الديمقراطى نفسه: الأولى كانت على يد عدنان مندريس في خمسينيات القرن الماضى، ولم يقبلها العلمانيون المتشددون، وانقلب عليها الجيش عام 1960، أما الثانية فجاءت في ثمانينيات القرن الماضى على يد تورجت أوزال العلمانى المتصالح مع الدين، والذى أجرى إصلاحات اقتصادية وسياسية وثقافية كبيرة، وأخيرًا استكمل أردوجان ما قام به هؤلاء الزعماء في تحويل العلمانية التركية إلى نظام يقبل التنوع ويحترم المتدينين وغير المتدينين، ويتمسك بفصل الدين عن المجال السياسى وليس المجال العام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تطور العلمانية تطور العلمانية



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

الملكة رانيا بعباءة بستايل شرقي تراثي تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:49 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

سوريا بين الفوضى والمجهول وسط تصاعد العنف
  مصر اليوم - سوريا بين الفوضى والمجهول وسط تصاعد العنف

GMT 10:29 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

نيكول سابا تعلق على دورها في "وتقابل حبيب"
  مصر اليوم - نيكول سابا تعلق على دورها في وتقابل حبيب

GMT 01:34 2025 السبت ,08 آذار/ مارس

دعاء اليوم الثامن من رمضان

GMT 09:10 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

GMT 19:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش

GMT 02:52 2025 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

السعودية تعلن ارتفاع استثماراتها في مصر 500%

GMT 22:37 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

العثور على جثة مواطن مصري متعفن داخل شقته في الكويت

GMT 19:36 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

اغتصاب وقتل طالبة إسرائيلية على يد مغني

GMT 03:44 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إيناس إسماعيل تُقدِّم طريقة بسيطة لتصميم ماكيت الكريسماس

GMT 06:31 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

طريقة سهلة لتحضير محشي ورق العنب بلحم الغنم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon