توقيت القاهرة المحلي 20:21:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تطور العلمانية

  مصر اليوم -

تطور العلمانية

بقلم:عمرو الشوبكي

تغيرت العلمانية التركية، ولم تعد هي نفسها العلمانية المتشددة التي طُبقت قبل 100 عام، فقد قبلت بحضور الدين في المجال العام وليس المجال السياسى، وقبلت بمظاهره وطقوسه على المستوى الثقافى داخل المجتمع وعلى المستوى السلوكى بين الأفراد.
وقد بدأت رحلة الجمهورية العلمانية التركية في عام ١٩٢٣، أي بعد عام من إلغاء مصطفى كمال أتاتورك الخلافة العثمانية، حيث أسس الرجل منظومة قيم جديدة تبنّت الاستقلال الوطنى وأسست الجمهورية العلمانية، ولم يكن فيها أتاتورك مجرد مصلح وزعيم سياسى كبير، إنما أيضًا بطل تحرر وطنى للأمة كلها.

وقد وضع أتاتورك دستورًا جديدًا للبلاد في عام ١٩٢٤ أعطى لنفسه الحق في تبوؤ منصب رئاسة الجمهورية ثلاث فترات أخرى (1927، 1931، 1935)، وذلك بعد أن اختير من قِبَل «مجلس الأمة التركى الكبير» رئيسًا في أكتوبر 1923.

ومنذ ذلك الوقت تبلور المشروع العلمانى والسياسى في البلاد، والذى قام على الاستقلال الوطنى ورفض كل صور الهيمنة والتدخل الأجنبى في القرار التركى، وسيطرت الدولة على المدارس، وألغت التعليم الدينى وتطبيق الشريعة، وحظرت تعدد الزوجات، كما منعت النساء من ارتداء الحجاب، وجعلت الأذان باللغة التركية، ولكن في نفس الوقت أعطت الجمهورية الناشئة المرأة حقوقًا متساوية، بما في ذلك حق التصويت وشغل المناصب الحكومية، كما نفذ سياسة التأميم في الاقتصاد، وسياسة التتريك ضد الأقليات العرقية، وقام بتغيير أسماء المدن والأماكن إلى اللغة التركية مثل القسطنطينية، التي أصبحت اسطنبول، وسميرنا أصبحت إزمير، وأنغورا أصبحت أنقرة.

ورفع أتاتورك شعار «السهام الستة»، الذي طرح فيه برنامجه، وهو يُذكرنا بالمبادئ الستة التي رفعتها ثورة يوليو ١٩٥٢ في مصر، وعمّق الرجل توجهاته العلمانية في عام ١٩٢٧ حين قرر حذف كافة النصوص الدينية من المادة السادسة والعشرين من دستور ١٩٢٤، والتى تنص على أن الإسلام هو دين الدولة.

والمؤكد أن بدايات التجربة العلمانية التركية كانت إقصائية، وفرضت نموذجًا حداثيًّا علمانيًّا يستبعد الدين من المجال العام وليس فقط المجال السياسى، ولكنها في نفس الوقت فصلت الدين عن السياسة، وهى قيمة ظلت باقية، وحمَت تركيا من مصائر سوداء عرفتها دول أخرى.

يقينًا، محاولات الخروج عن هذه العلمانية الإقصائية بدأت على يد زعماء جاءوا من التيار العلمانى الديمقراطى نفسه: الأولى كانت على يد عدنان مندريس في خمسينيات القرن الماضى، ولم يقبلها العلمانيون المتشددون، وانقلب عليها الجيش عام 1960، أما الثانية فجاءت في ثمانينيات القرن الماضى على يد تورجت أوزال العلمانى المتصالح مع الدين، والذى أجرى إصلاحات اقتصادية وسياسية وثقافية كبيرة، وأخيرًا استكمل أردوجان ما قام به هؤلاء الزعماء في تحويل العلمانية التركية إلى نظام يقبل التنوع ويحترم المتدينين وغير المتدينين، ويتمسك بفصل الدين عن المجال السياسى وليس المجال العام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تطور العلمانية تطور العلمانية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
  مصر اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 19:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
  مصر اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 17:32 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

نانسي عجرم تستكمل أغانيها مع الراحل محمد رحيم
  مصر اليوم - نانسي عجرم تستكمل أغانيها مع الراحل محمد رحيم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 19:37 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مصر تُخطط لسداد جزء من مستحقات الطاقة المتجددة بالدولار

GMT 07:32 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يتصدر التشكيل المثالي في الدوري الإنكليزي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 20:06 2016 الثلاثاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد فيلكس يتمنى تدريب فرق الناشئين في النادي الأهلي

GMT 11:03 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طريقة عمل الكيك بالبرتقال هشة وناجحة من أول مرة

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

"كاف" يُحدِّد أجمل أهداف آخر جولتين في تصفيات كأس أمم أفريقيا

GMT 18:40 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

"اسبانيول" يحطم صخرة الأمل لـ"ريال مدريد" الثلاثاء

GMT 05:02 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

تعرفي على طرق توظيف "الدهان اللامع" في الديكور

GMT 00:25 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

استغلال الإضاءة لتحديد المساحة يعزز قيمة الديكور

GMT 12:19 2020 الجمعة ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيكة الشيكولاته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon