توقيت القاهرة المحلي 08:08:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تطور العلمانية

  مصر اليوم -

تطور العلمانية

بقلم:عمرو الشوبكي

تغيرت العلمانية التركية، ولم تعد هي نفسها العلمانية المتشددة التي طُبقت قبل 100 عام، فقد قبلت بحضور الدين في المجال العام وليس المجال السياسى، وقبلت بمظاهره وطقوسه على المستوى الثقافى داخل المجتمع وعلى المستوى السلوكى بين الأفراد.
وقد بدأت رحلة الجمهورية العلمانية التركية في عام ١٩٢٣، أي بعد عام من إلغاء مصطفى كمال أتاتورك الخلافة العثمانية، حيث أسس الرجل منظومة قيم جديدة تبنّت الاستقلال الوطنى وأسست الجمهورية العلمانية، ولم يكن فيها أتاتورك مجرد مصلح وزعيم سياسى كبير، إنما أيضًا بطل تحرر وطنى للأمة كلها.

وقد وضع أتاتورك دستورًا جديدًا للبلاد في عام ١٩٢٤ أعطى لنفسه الحق في تبوؤ منصب رئاسة الجمهورية ثلاث فترات أخرى (1927، 1931، 1935)، وذلك بعد أن اختير من قِبَل «مجلس الأمة التركى الكبير» رئيسًا في أكتوبر 1923.

ومنذ ذلك الوقت تبلور المشروع العلمانى والسياسى في البلاد، والذى قام على الاستقلال الوطنى ورفض كل صور الهيمنة والتدخل الأجنبى في القرار التركى، وسيطرت الدولة على المدارس، وألغت التعليم الدينى وتطبيق الشريعة، وحظرت تعدد الزوجات، كما منعت النساء من ارتداء الحجاب، وجعلت الأذان باللغة التركية، ولكن في نفس الوقت أعطت الجمهورية الناشئة المرأة حقوقًا متساوية، بما في ذلك حق التصويت وشغل المناصب الحكومية، كما نفذ سياسة التأميم في الاقتصاد، وسياسة التتريك ضد الأقليات العرقية، وقام بتغيير أسماء المدن والأماكن إلى اللغة التركية مثل القسطنطينية، التي أصبحت اسطنبول، وسميرنا أصبحت إزمير، وأنغورا أصبحت أنقرة.

ورفع أتاتورك شعار «السهام الستة»، الذي طرح فيه برنامجه، وهو يُذكرنا بالمبادئ الستة التي رفعتها ثورة يوليو ١٩٥٢ في مصر، وعمّق الرجل توجهاته العلمانية في عام ١٩٢٧ حين قرر حذف كافة النصوص الدينية من المادة السادسة والعشرين من دستور ١٩٢٤، والتى تنص على أن الإسلام هو دين الدولة.

والمؤكد أن بدايات التجربة العلمانية التركية كانت إقصائية، وفرضت نموذجًا حداثيًّا علمانيًّا يستبعد الدين من المجال العام وليس فقط المجال السياسى، ولكنها في نفس الوقت فصلت الدين عن السياسة، وهى قيمة ظلت باقية، وحمَت تركيا من مصائر سوداء عرفتها دول أخرى.

يقينًا، محاولات الخروج عن هذه العلمانية الإقصائية بدأت على يد زعماء جاءوا من التيار العلمانى الديمقراطى نفسه: الأولى كانت على يد عدنان مندريس في خمسينيات القرن الماضى، ولم يقبلها العلمانيون المتشددون، وانقلب عليها الجيش عام 1960، أما الثانية فجاءت في ثمانينيات القرن الماضى على يد تورجت أوزال العلمانى المتصالح مع الدين، والذى أجرى إصلاحات اقتصادية وسياسية وثقافية كبيرة، وأخيرًا استكمل أردوجان ما قام به هؤلاء الزعماء في تحويل العلمانية التركية إلى نظام يقبل التنوع ويحترم المتدينين وغير المتدينين، ويتمسك بفصل الدين عن المجال السياسى وليس المجال العام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تطور العلمانية تطور العلمانية



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 23:46 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم
  مصر اليوم - انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 01:08 2020 الأحد ,19 تموز / يوليو

طريقة عمل الشكشوكة التونسية

GMT 22:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

أستون فيلا ينهار في ١١٤ ثانية أمام تشيلسي

GMT 23:30 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

السودان تسجل 215 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon