بقلم:عمرو الشوبكي
أفشلت إسرائيل على مدار أكثر من 30 عامًا مسار الاعتدال والتسوية السلمية منذ اتفاق أوسلو ومرورًا بكل المبادرات العربية من أجل إيجاد تسوية عادلة للقضية الفلسطينية قائمة على حل الدولتين.
وقد تميز ظهور تيار الاعتدال فى طبعته الفلسطينية بأنه ربط بين العمل السياسى والدخول فى مسار تسوية وبين المقاومة الشعبية والمدنية، فقد دخلت منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات فى مسار أوسلو عقب انتفاضة شعبية كبيرة وملهمة، وهى انتفاضة الحجارة فى 1987، والتى بفضلها دخلت المنظمة مسار التفاوض السلمى، وهى تملك ورقة الإرادة الشعبية، ووقعت على اتفاق أوسلو فى 1993، وصُنفت بعدها ضمن تيار الاعتدال، بعد أن كانت تُحسب على قوى الممانعة والتشدد، حتى إن أمريكا وإسرائيل اعتبرتاها ضمن المنظمات الإرهابية.
لم تتعاطف إسرائيل رغم ما بدا على السطح مع تيار الاعتدال الفلسطينى، وعملت على إضعافه وإغلاق طريق التسوية السلمية وحل الدولتين ببناء المستوطنات فى الضفة الغربية ومضاعفة أعداد المستوطنين وقمع العمل المدنى الفلسطينى وبناء نظام عنصرى يقهر ويعتقل ويقتل، حتى مَن لم يحملوا سلاحًا، ويقضى على طموحات الشعب الفلسطينى فى بناء دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
أما تيار الاعتدال العربى فقد حاول أن ينقذ أكثر من مرة مسار التسوية السلمية عقب تفجر العنف فى الأراضى الفلسطينية وعقد فى شرم الشيخ مؤتمر صناع السلام فى ١٩٩٦ برعاية مصرية أمريكية، وحضره الرئيس الأمريكى كلينتون والروسى يلتسين والفرنسى شيراك والملك عبدالله وياسر عرفات وغيرهم من قادة العالم، ووقّع على بيانه الختامى الرئيسان المصرى والأمريكى، وأكد رفض الإرهاب وحق الفلسطينيين فى العيش بسلام وفق حدود آمنة.
ثم عاد وأطلق الملك السعودى الراحل عبدالله عقب انتفاضة الأقصى ودخول مسار أوسلو إلى غرفة الإنعاش مبادرة السلام العربية فى ٢٠٠٢، التى أُعلنت فى مؤتمر القمة العربية فى بيروت، ونصّت بشكل واضح على ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضى العربية المحتلة، بما فيها الجولان وإقامة دولة فلسطينية مستقلة فى مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وهنا سنجد أن المواقف والمبادرات العربية والمصرية كانت ملتزمة بقرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية، فى حين إن إسرائيل لم تلتزم بأى من هذه القرارات، ولم يحاسبها أحد لأنها ظلت دولة استثناء فوق القانون الدولى والشرعية الدولية.
على مدار عقود سابقة، حاربت إسرائيل بكل الوسائل تيار الاعتدال فى العالم العربى، ورفضت تطبيق الاتفاقات التى وقعت عليها، حتى وصلنا إلى «عصر نتنياهو»، الذى اعتبر أن اتفاق أوسلو، (اتفاق السلام الوحيد الذى وقّعته الدولة العبرية مع الفلسطينيين)، هو المسؤول عن عملية 7 أكتوبر، وأعلن رفضه حل الدولتين.
لم تنفذ إسرائيل كل الاتفاقات التى وقّعتها مع تيار الاعتدال حتى تقول إن المشكلة فى تيار الممانعة والمقاومة المسلحة