توقيت القاهرة المحلي 21:14:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ساحات الاحتجاج

  مصر اليوم -

ساحات الاحتجاج

بقلم : عمرو الشوبكي

ساحة التحرير فى العراق، ساحة الشهداء فى لبنان، ساحة البريد فى الجزائر، وساحة القيادة العامة فى الخرطوم، هى كلها أسماء ساحات الموجة الثانية من الانتفاضات العربية، وقبلها كان ميدان التحرير فى مصر وشارع الحبيب بورقيبة فى تونس، وكلها تشابهت فى قدرتها على خلق عالم موازٍ للمجتمع والسلطة المحيطين بها. \

وتتعمق هذه الحالة بقدر طول فترة الاعتصام حتى تنفصل عن أغلب المجتمع الذى لا يشاركها الاعتصام، ولا يسعد بقطع الطرقات و«وقف الحال» بتعبير قطاعات محافظة كثيرة داخل المجتمع. إن ساحة التحرير فى العراق كانت لافتة فى العمل الموازى، وصورة المدينة الفاضلة رغم قسوة المصادمات التى جرت مع القوى الأمنية، فقد رمم المتظاهرون الطرق ونظفوها وزينوها بصور الشهداء وعبارات ثورية، وجلبوا مولدات خاصة حتى لا تنقطع الكهرباء كما يحدث فى باقى العراق، وتابعوا مع الطلاب دروسهم وعلموهم الموسيقى والرسم وأقاموا معارض كتب وندوات ثقافية، وقدموا وجبات غذائية متنوعة وعملوا مستشفى وأدوية واستخدموا «التوك توك» كوسيلة مواصلات مجانية من ساحة التحرير إلى باقى أحياء بغداد، وأحضروا أئمة للصلاة بالناس.

وقد تكررت نفس المشاهد فى كل ساحات الاحتجاج العربى مع اختلاف فى الشكل، لكن المضمون واحد: وهو البحث عن «ساحة فاضلة» يتحرك فيها الناس بكل حرية ودون قيود النظم القائمة، وهى حالة مغرية لكثيرين وتدفع البعض إلى محاولة تثبيتها وعدم الخروج منها حتى لو أدت إلى عزلة «ثوار الساحات» عن أغلب المجتمع.

يقينا التحدى الذى تواجهه كل ساحات الاحتجاج هو فى قدرتها على تقديم مشروع سياسى بديل للنظم القائمة، وهذا سيعنى الخروج من الحالة المثالية النقية التى يقدمها «مجتمع الساحات» والدخول إلى عالم السياسة وتوازنات القوى والمصالح، وهذا كان التحدى الكبير أمام ساحة السودان التى اختارت قوى التغيير فى لحظة صحيحة إحداث قطيعة مع «عالم الساحات» ودخلت مفاوضات شاقة مع المجلس العسكرى، رفضها تيار من المعتصمين، لكنها أكملت طريقها للنهاية حتى وصلت إلى اتفاق المرحلة الانتقالية الذى وضع السودان على أعتاب مرحلة جديدة لا تخلو أيضا من التحديات.

ساحات الاحتجاج العربية مازالت مغرية لكثيرين خاصة فى ظل القيود المفروضة على حرية الرأى والتعبير وأزمات معظم النظم العربية اقتصاديا وسياسيا، وتكرارها لا يعنى تحقيق النجاح، إنما هى لحظة تشبه من رفع قدمه ليتقدم خطوة، لكنه لم يلامس الأرض بعد، وقد لا يلامسها وقد تكون خطوة للخلف، لأن الخطوة إلى الأمام ستعنى امتلاك مشروع بديل ينقل البلاد نحو العدل ودولة القانون والديمقراطية، وليس فقط البقاء فى ساحات الاحتجاج، بصرف النظر عن القيمة النبيلة لأى تحرك جماهيرى على أوضاع سيئة، وشجاعة من قاموا بهذه الخطوة وبثوا فى بلادهم الأمل والأحلام الكبيرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ساحات الاحتجاج ساحات الاحتجاج



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات عصرية وجذابة للنجمات بصحية الدنيم
  مصر اليوم - إطلالات عصرية وجذابة للنجمات بصحية الدنيم

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر
  مصر اليوم - اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 20:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة اسرائيلية تستهدف "مبنى سكني" في ريف دمشق في سوريا
  مصر اليوم - غارة اسرائيلية تستهدف مبنى سكني في ريف دمشق في سوريا

GMT 18:17 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تطلق مبادرة لتمكين صانعات الأفلام في البحرين
  مصر اليوم - منى زكي تطلق مبادرة لتمكين صانعات الأفلام في البحرين

GMT 14:45 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 17:08 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الذهب يستقر مع هيمنة الحذر قبل الانتخابات الأميركية

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 04:37 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يخفف قيوده قبيل زيارة بعثة "صندوق النقد"

GMT 13:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى

GMT 10:54 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تجربتي في نزل فينان البيئي

GMT 08:51 2024 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

توازن بين حياتك الشخصية والمهنية

GMT 23:08 2020 الأحد ,26 تموز / يوليو

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على تباين

GMT 04:36 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أجمل مدن العالم من حيث الطبيعة من بينها مارياجيه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon