بقلم : عمرو الشوبكي
تعرض لاعبو النادى الأهلى وطاقم الحكام المغربى (من الأفضل إفريقيًا) لمحاولة اعتداء من قبل قلة من جمهور نادى الهلال السودانى، أدت فى النهاية إلى توقف المباراة لمدة 10 دقائق، قامت خلالها قوات الأمن السودانية بفرض «كردون» حول اللاعبين والحكام حتى انصرفت الجماهير من الملعب وأمّنت عودتهم للفندق بسلام.
وتكرر هذا المشهد فى كثير من الملاعب العربية، بدءًا من مصر والجزائر، ومرورًا بنهائى بطولة إفريقيا العام الماضى بين فريقى الترجى التونسى والوداد المغربى، فقد تحولت مباراة كرة إلى أزمة سياسية بين البلدين، وانتهاء بمباراة الأهلى والهلال.
ولاعتبارات لا تتعلق فقط بالعلاقة الخاصة التى تربط بين الأهلى المصرى والهلال السودانى، فقد قرر الأول عدم تقديم شكوى إلى الاتحاد الإفريقى، وصاغ فى بيان حكيم أسبابًا ثلاثة لهذا الموقف: أولها تقديرا واحتراما للعلاقات التاريخية بين مصر والسودان، وثانيها تثمينًا للجهود التى بذلتها الشرطة السودانية فى تأمين الفريق والبعثة، وثالثًا حرص الأهلى على «ألا يلحق بنادى الهلال السودانى الشقيق الضرر».
والحقيقة أن بيان الأهلى لم يتجاهل الأذى الذى تعرض له لاعبو الفريق، إنما قدم رسالة عقل وحكمة لكل من يتابع تعقيدات العلاقات المصرية- السودانية، راعى فيها ما يثير حفيظة كثير من السودانيين من بعض التصرفات المصرية التى يصفونها بالتجاهل والاستعلاء، فقد أشاد بالجوانب الإيجابية فى حماية الفريق وحرص مسؤولى الهلال على تأمينهم وضمان سلامتهم.
والحقيقة أن موقف إدارة النادى الأهلى كان على مستوى المسؤولية لأنه وضع اعتبارات «فوق كروية» تحكمت فى رد فعله فى مواجهة الفريق السودانى، فلو كان هذا الموقف حدث فى أى بلد عربى أو إفريقى آخر لا يمر بنفس الظروف التى يمر بها السودان لكان يجب على النادى الأهلى أن يشكو الفريق المنافس للاتحاد الإفريقى، فى حين أنه فى حالة الهلال لم يتنازل الأهلى عن حقه لأنه يعرف أن الاتحاد الإفريقى راقب المباراة، ولكنه قدم طريقة محترمة أصابت فى مقتل مروجى الكلام الفارغ والهستيريا من بعض مسؤولى الرياضة (نعم الرياضة بكل أسف) بادعاء وجود أخطار وهمية وتهديدات بالقتل أو بتبرير الفشل بالسحر والشعوذة، أو اعتبار السباب نمط حياة طالما لا يحاسبهم أحد.
علينا أن نعى حدود الخصومة ومعنى المنافسة، خاصة فى الرياضة، وأن نعى أيضا أن مصر قد تلعب فى كأس العالم التى ستُنظم فى قطر عام 2022، وأن الكلام الفارغ والسباب والشتائم والتحريض على الشعوب أمر يضر بصورة مصر أشد ضرر.
يقينًا رسالة الأهلى قد لا تغير شيئًا فيما حدث ولا فى قرارات الاتحاد الإفريقى، لكنها رسالة عقل واحترام ومهنية نتمنى أن يأتى قريبا اليوم الذى يتشارك فيه الأهلى والزمالك هذه القيم، كما كان الأمر فى فترات سابقة كثيرة.