توقيت القاهرة المحلي 03:55:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحسابات التركية

  مصر اليوم -

الحسابات التركية

بقلم:عمرو الشوبكي

دعمت تركيا جانبًا كبيرًا من فصائل المعارضة السورية المسلحة والمدنية حتى نجاحها فى إسقاط النظام وتشكيل حكومة انتقالية جديدة، وبات واضحًا حجم الدور التركى فى ترتيب جانب أساسى من خطابها ولغتها الجديدة، فقد دعمت الجيش الحر وهيئة تحرير الشام، وتعمل بشكل عملى على بناء نموذج نجاح فى سوريا متحالف مع تركيا، بصرف النظر عن خلفيات هذه الفصائل الأيديولوجية والعقائدية.

لم تشغل تركيا بالها كثيرًا بمدى عمق المراجعة العقائدية التى أجرتها هيئة تحرير الشام لفكرها العقائدى، إنما دعمت خيارًا سياسيًّا وعسكريًّا سوريًّا لديه حاضنة شعبية كبيرة فى الداخل، مستفيدة من انهيار شعبية الأسد ومن حجم الجرائم التى ارتكبها، على عكس تجارب التغيير العربية الأخرى سواء كانت مسلحة مثل ليبيا التى ظلت هناك حاضنة شعبية ولو محدودة للقذافى، أو سلمية مثل السودان عقب سقوط نظام البشير أو مصر عقب تنحى مبارك، حيث ظل هناك قطاع من الناس مؤيد لهذه النظم، حتى بعد سقوطها، ولذا فإن حالة شبه الإجماع الشعبى على رفض نظام بشار ودعم أى مشروع يُسقطه سهلت من مهمة الفصائل المسلحة فى الانتصار والسيطرة على البلاد.

ومن هنا، فإن الدور التركى حريص على أن يكون داعمًا للمسار الجديد، لا أن يصنعه، على عكس ما جرى فى العراق فى ٢٠٠٣ حين غزته الولايات المتحدة، وأسقطت نظامه بالقوة المسلحة، وعينت أمريكيًّا «بريمر» ليقود المرحلة الانتقالية، ثم استخدمت بعد ذلك أدوات محلية لإدارة العراق، أما فى سوريا فالفصائل السورية هى التى أسقطت النظام بدعم خارجى تركى، واختارت التوقيت المناسب لمعركتها، بعد أن تراجعت قوة حزب الله والميليشيات الإيرانية، وأسقطت النظام فى أقل من عشرة أيام. تركيا قرأت هذا الواقع جيدًا، ودعمت المعارضة من وراء الستار، وراهنت على الجواد الرابح الذى صُنع وتربى فى الواقع المحلى السورى، وكان يحتاج اللحظة المناسبة ليعلن انتصاره.


إن خطاب قادة سوريا الجدد فيه كثير من «البراجماتية التركية» و«وعى ما» بإرث عقدين من الزمان عرفت فيهما سوريا مآسى كثيرة، وأيضًا وعى بوطأة فشل تجارب التغيير العربية، بما فيها التجارب المدنية والسلمية.

التداخل التركى مع التجربة السورية انطلق من أنه غير مُحمَّل بإرث الانقسامات الأيديولوجية العربية وليس طرفًا مباشرًا فيها، فاختفت جمل «اجتثاث البعث»، التى طُرحت فى العراق، كما غابت جملة «حل الجيش»، وسَعَت القيادة الجديدة إلى تسوية أوضاع جنود وضباط الجيش السورى ماداموا لم يرتكبوا جرائم فى حق الشعب.

وضعية تركيا، التى لم تكن طرفًا فى أى تجربة تغيير عربية سابقة، جعلتها فى وضع سمح لها أن تقول للجانب السورى: يجب أن تكون أعينكم على المستقبل، وألّا تشغلوا أنفسكم بمعارك الماضى، وهذا تحدٍّ ليس بالسهل تحقيقه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحسابات التركية الحسابات التركية



GMT 19:51 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الموازنة والـمئة دولار !

GMT 09:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 08:25 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 08:24 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 08:21 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 08:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon