توقيت القاهرة المحلي 01:38:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رب ضارة نافعة

  مصر اليوم -

رب ضارة نافعة

بقلم : عمرو الشوبكي

الخطر الذى ضرب مصر والعالم بانتشار فيروس كورونا ربما يكون سببا فى مراجعة كثير من السياسات التى عرفها العالم وقادتها رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر فى ثمانينيات القرن الماضى وعرفت «بالسياسات النيوليبرالية» والتى قلصت ميزانيات الصحة والتعليم والتأمينات الاجتماعية وأطلقت يد المؤسسات المالية والشركات الكبرى لتقود الاقتصاد بأقل قدر من الضرائب.

صحيح أن التيار الاجتماعى الديمقراطى ظل حاضرا بقوة ووضع قيودا على توحش النظم الرأسمالية، خاصة فى البلاد الديمقراطية، إلا أن هذا لا ينفى أن تجاوز غمة كورونا سيعيد طرح أسئلة عن مستقبل النموذج «النيوليبرالى» وعن دور الدولة فى التنمية والخدمات العامة.

أما فى بلادنا، فإن الوضع أصعب اقتصاديا (وبكثير) وأولويات التنمية مختلفة، ومازال يتم التعامل مع العلماء وكأنهم موظفون، ولعل الطريقة التى تعاملت بها الدولة مع الأطباء فى السنوات الأخيرة ودفعت آلافًا منهم للهجرة دون أى اهتمام يذكر وأضرت بالجميع، كما تعمقت جروح الطواقم الطبية بتكرار الاعتداء عليهم فى المستشفيات الحكومية دون رد فعل كاف، ثم جاء الحادث البشع لطبيبات التكليف فى المنيا الذين سقطوا ضحية التعنت وطريقة تفكير ترى أن الهدف ملء الدفاتر وإثبات أن الأطباء ينفذون أمر التكليف بصرف النظر عما إذا كانت هناك وسيلة مواصلات آدمية وآمنة أم لا، فالمهم أن يذهبوا وينفذوا المطلوب حتى لو كان العائد صفرا والثمن حياتهم، وأخيرا جاءت مشكلة بدل العدوى التى حلت جزئيا بقرار رئاسى فى حين أنه كان أجدر أن تتفهم الدولة المطالبات العديدة برفع بدل العدوى (كان 19 جنيها) وتنفذ قرار القضاء الإدارى فورا برفعه إلى ألف جنيه دون انتظار تبعات كورونا.

يقينا تحتاج مصر إلى استثمار كبير فى البشر وليس الحجر، وأن تعرف الدولة أن أحد جوانب قوة هذا البلد عبر الزمن هو «رأسمالها البشرى» من مثقفين وعلماء وأطباء وكتاب وفنانين ورجال دين مستنيرين، وكل الدول تقاس قوتها بتأثيرها العلمى والثقافى قبل السياسى والعسكرى، فالصين ستصعد قوتها السياسية، لأنها انتصرت بالعلم على الفيروس وليس بجيشها الجرار، وأمريكا قوتها فى علمائها حتى لو حكمها رئيس مثل ترامب، وأوروبا ستبقى متقدمة حتى لو انتهت ككيان سياسى بقوة علمائها ومختبراتها وإنفاقها على البحث العلمى.

تحتاج مصر إلى كبارى ومدن جديدة، لكنها تحتاج أكثر بكثير لاستثمار حقيقى فى البشر فى قيم العلم والجمال والإبداع، وأن يتوقف البعض عن نشر القبح فى كل مكان فى السياسة والإعلام والعمارة، لأن الدولة التى تترك مجتمعها فريسة القبح والتجهيل لا تمتلك أى مناعة لمقاومة أى أزمة أو فيروس، فالمطلوب عقد اجتماعى جديد، وصيغة سياسية جديدة تصحح المسار وتضع بلادنا والعالم على طريق إنسانى جديد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رب ضارة نافعة رب ضارة نافعة



GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 08:18 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 08:15 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:51 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

أنواع مختلفة من الفساتين لحفلات الزفاف

GMT 06:29 2015 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

قضية فرخندة مالك زادة تفضح ظلم القضاء الأفغاني للمرأة

GMT 19:55 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنانة فاتن الحناوي بسبب إصابتها بفشل كلوي

GMT 03:38 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة التخطيط تؤكد أن 5000 فدان في الفرافرة جاهزين للزراعة

GMT 22:33 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

طريقة عمل البوظة السورية

GMT 09:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

توقيع رواية "ودارت الأيام" في بيت السناري

GMT 12:56 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

Snapchat سيتيح للمستخدمين قريبا تغيير "اسم المستخدم" الخاص بهم

GMT 06:41 2021 السبت ,19 حزيران / يونيو

الأرجنتين يتخطى عقبة أوروجواي بهدف نظيف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon