بقلم : عمرو الشوبكي
الحديث عن أن سحر القاهرة فى جمال أحيائها القديمة زاوية سبق وتناولتها فى مقال سابق، لكن هناك زاوية أخرى تتعلق بصعوبة الحياة فى القاهرة، تناولتها رسالة الأستاذ صلاح ياسين، جاء فيها:
مشكلة تحتاج معجزة، ولا تقل زمن المعجزات انتهى.
ليست القاهرة الفاطمية، ولا القاهرة الخديوية، ولا أى مكان فى مصر لا ينطبق عليه ما جاء بمقال حضرتك (القاهرة القديمة أولا)، بما يعنى أن المشكلة عامة طامة غاشية شاملة جامعة تشمل كل المترادفات.
أنا لست خبيرًا فى كل شىء، ولكنى فقط أحب بلدى، ومدينتى القاهرة مثلا:
كم محافظًا تولاها؟ ولا واحد من هؤلاء فكر نقل الورش المزعجة إلى مجمع ورش كما تفعل دول أخرى عربية مثل السعودية، ولا أقول دولاً أوروبية، ولا واحد منهم فكر فى إيقاف استعمال أجهزة تكبير الصوت المزعجة فى أحياء القاهرة الشعبية، وانتقلت أيضا إلى ما كان يعرف بالأحياء الراقية، وليكن حتى من أجل راحة مرضى تلك المناطق، ولا واحد منهم فكر فى إقامة أسواق خضر وفاكهة فى أماكن محددة، كما سوق باب اللوق والعتبة وروض الفرج... إلخ
ولا واحد منهم أشعر سكان القاهرة بأنه فاهم شغله لسبب بسيط هو:
أنه موظف يتلقى تعليماته من فوق، فلو افترضنا أن القيادة السياسية العليا مشغولة بأمور الدولة العليا وتحديات أخرى كالإرهاب وغيرها من المشاكل الاقتصادية والسياسية، فهل علينا الانتظار دون عمل أى شىء؟!، وطبعا لا مانع من تقاضى مرتبه كاملا حتى لو لم يفعل شيئا.
نحن فى حاجة لناس يحبون العمل ويتفننون به، ولسنا فى حاجة إلى تنابلة السلطان، حتى لو كان السلطان نشطا.
أذكر عندما سئل أسامة الباز أن يتولى إحدى الحقائب الوزارية، قال أنا لا أصلح، ليه ياعم أسامة، قال لأننى سأعمل برأسى دون الرجوع لأحد.
مع تحياتى.
والمؤكد أن بعض المسؤولين فى بلادنا لم يقل لهم أحد إن أحياء القاهرة القديمة ووسط البلد (القاهرة الخديوية) كنوز معمارية حقيقية مثلها مثل العواصم الكبرى فى باريس وروما ومدريد، التى يشكل الحفاظ على معمارها القديم الجانب الأكبر من سحرها، فالمبانى القديمة والحوارى والأزقة والأحياء الشعبية فى المدن الأوروبية، والتى كانت فى بدايات القرن الماضى أماكن للجريمة والقبح والفوضى، أصبحت الآن بعد تجديدها طاقة جمال وجذب سياحى كبير.
علاقة المدن بذاكرتها وبتاريخها المعمارى هو سر قوتها وجمالها، وهى أمور لا يفهمها تجار المقاولات الذى هدموا قصور الإسكندرية وأحياء كاملة فى القاهرة، والمطلوب ليس فقط تجديد هذه الأحياء والحفاظ عليها، إنما جعلها مركز جذب ومكانا للسكينة والراحة، وهو يتطلب جهودا جبارة لإعادة تنظيم القاهرة وليس فقط الحفاظ عليها.