توقيت القاهرة المحلي 09:24:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نزيفنا الدامى

  مصر اليوم -

نزيفنا الدامى

بقلم : عمرو الشوبكي

لم يتوقف سقوط الشهداء، واستمر نزيف الدم فى سيناء حتى وصل إلى 10 شهداء فى يوم واحد، سقطوا وهم يواجهون عصابات الإرهاب والتكفير دفاعاً عن الوطن وكرامته.

صحيح أنهم أحياء عند ربهم يرزقون إلا أن ألم الفراق بات وجعاً فى وجدان المصريين وليس فقط للأهل والأصدقاء، فصور الشهيد المقدم يحيى حسن التى ملأت المواقع الصحفية وتذكرنا بأنه أب لأربعة أطفال أكبرهم عنده 9 سنوات وأصغرهم سنتان، وهناك الرائد أحمد مالك والجندى إسماعيل هباش وباقى الشهداء السبعة الذين سقطوا دفاعاً عنا.

نزيف الشهداء وسؤال سيناء من أصعب الأسئلة التى تواجهها مصر، فرغم الضربات الموجعة التى تلقتها العناصر التكفيرية والنجاحات العسكرية فى أكثر من منطقة داخل سيناء، إلا أن الإخفاقات مازالت كبيرة لأننا تركنا ملف الإرهاب مثل كل الملفات لحل وحيد هو الحل الأمنى، وقطعت قنوات الاتصال المجتمعية والسياسية مع أهالى سيناء وغابت المبادرات الأهلية حتى ترك المجتمع السيناوى فريسة للعناصر التكفيرية.

لماذا سيناء ولماذا الإرهاب هناك أكثر من باقى المدن المصرية؟ وهنا علينا أن نسأل السؤال الصعب: هل هناك بيئة حاضنة للإرهاب فى سيناء أكثر من غيرها نتيجة التهميش والمواجهات الأمنية التى تمتد منذ اعتداء طابا فى 2004؟ وهل هناك هوية ثقافية خاصة (فى إطار الوطنية المصرية الجامعة) لأهل سيناء تجاهلها المركز فى القاهرة فشعر كثير من أهلها أنهم منسيون وبعيدون عن القلب والعين.

إرهاب سيناء ليست مشكلته الأساسية فى 1500 عنصر مسلح منتشرين فى أرضها، إنما فى مليون إنسان يعيشون على تلك الأرض يشعر بعضهم بثأر مع الدولة والقوات الأمنية ويعانى البعض الثانى من صعوبات جمة من أجل التنقل والعلاج، والبعض الآخر تضرر فى رزقه ومصادر دخله ولم يجد من يعوضه.

وهناك قصص وحكايات كثيرة يرويها أهل سيناء المخلصون الصابرون عما تفعله عناصر «ولاية سيناء» حين يوقفون مواطناً لا يصنفونه كمتعاون مع الدولة والأمن (لأن الأخير يقتل فوراً دون حماية) إنما متعامل مع رجالها ولو تعامل سطحى وإنسانى (إرسال مياه أو حوار عابر) فيأخذونه معصوم العينين ويحققون معه ويحسنون معاملته ويبدأون فى تحريضه ضد الدولة والقوات الأمنية ويعددون أخطاء كثيرة تحدث ويبالغون فيها ويحولوننا إلى جرائم ومجازر يجب الثأر منها، ويطالبونه فى النهاية بألا يتعامل مع أحد من ممثلى الدولة عسكريا أو مدنيا، ويجرون له غسيل دماغ كاملاً ويفرجون عنه ليخرج ويقول إنهم أحسنوا معاملته وإنهم متدينون حقا، وهكذا تكرر الأمر مع عشرات الحالات حتى أصبحت سيناء من الأماكن النادرة فى العالم العربى التى تمثل بيئة حاضنة للعناصر التكفيرية.

الحلول الأمنية والقوانين الرادعة مطلوبة، ولا أحد يقول إنها ليست أساسية، فهى بالتأكيد ستوجع التنظيمات الإرهابية التى توجعنا، ولكنها لن تحل مشكلة البيئة الحاضنة للإرهاب، وأن معركة الدولة مع الإرهاب ليست فى مساحة الثأر والانتقام إنما فى تغيير طبيعة البيئة الحاضنة التى تفرز كل يوم إرهابيين جددا. هذا التحدى ليس أمنيا، إنما سياسى واجتماعى.

نعم جيشنا الوطنى قادر على قتل عشرات وربما مئات الإرهابيين ودك الأوكار والكهوف، ولكن البيئة الحاضنة ستفرخ مثلهم مئات آخرين، ولابد من البحث عن سياسات جديدة وتصحيح الأخطاء التى يدفع ثمنها أنبل من فى هذا الوطن.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نزيفنا الدامى نزيفنا الدامى



GMT 06:29 2022 الجمعة ,21 كانون الثاني / يناير

يرجى يشكلون غرفة!!!!!

GMT 10:21 2021 الخميس ,18 آذار/ مارس

ظاهرة خير الدين حسيب

GMT 08:46 2020 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

سين وجيم عن الحداثة (١)

GMT 07:05 2020 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

مفتاح شخصية «السيسى» فى السياسة والحرب (1)

GMT 01:48 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

بيروت الجريحة فى مرايا الضمير

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon