توقيت القاهرة المحلي 00:10:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفساد منظومة

  مصر اليوم -

الفساد منظومة

بقلم : عمرو الشوبكي

لم أفهم فى أى مرحلة من مراحل تطور نظمنا السياسية أن تكون محاربة الفساد بالقطعة أو حسب الأهواء والرضا السياسى، فكثيرا ما احتفظت الدولة «بملف فساد» لكل مسؤول لا يطلع إلا إذا غضبت عليه، أما إذا ظل مرضيا عنه فهو فى أمان ومحصن من أى ملاحقة قانونية.

والحقيقة أن الفساد فى مصر مثل بلدان كثيرة هو منظومة متكاملة، يستفيد منها الراشى والمرتشى، ويعيش عليها ملايين البشر، صحيح أن الأطراف والمؤسسات الأقوى تستفيد من الفساد أكثر من الأضعف، وهو دائما مؤشر على أنك تعيش فى بلد مأزوم غير قادر على التقدم، لأنه يميز بين الأفراد حسب رتبهم ووضعهم الاجتماعى، وبين المؤسسات ما إذا كانت محصنة أو «ملطشة».

صحيح أن محاربة الفساد فى المؤسسات الحاكمة والشخصيات القوية النافذة أمر ليس سهلا، ويجب أن يتم بشكل تدريجى ويحتاج إلى حنكة وإرادة سياسية إلا أنه لا بديل عنه لكى ينجح أى بلد فى محاربة الفساد بجد وليس بالشعارات.

وقد تغير الحال مع دخول الرقابة الإدارية ساحة مراقبة الفساد فى المؤسسات المدنية فقط دون غيرها واستثنت الشرطة من أى مراقبة أو محاسبة رغم أنها بحكم الدستور والقانون «هيئة مدنية»، ونجحت فى توجيه ضربات قوية لحالات فساد كثيرة داخل مؤسسات مدنية متعددة.

والسؤال المطروح فى هذه الحالة مركب: هل المساحة التى أعطيت للرقابة الإدارية فى محاربة الفاسدين ترجع إلى أن من يقودها لواء ومعظم أفرادها من خلفية عسكرية ومخابراتية، وأن الدعم الواسع الذى نالته من قبل الحكم حدث عكسه مع مؤسسة مدنية أخرى وهى الجهاز المركزى للمحاسبات الذى رأسه المستشار المقال هشام جنينة، وأصدرت تقريرا أكثر جرأة ومهنية من تقارير باقى الأجهزة الرقابية، وتحدث بشكل واضح عن منظومة الفساد ولم يميز بين مؤسسات على رأسها ريشة وأخرى عادية مثل باقى خلق الله؟

والمعروف أن تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات مس مؤسسات سيادية، خاصة الداخلية، التى مازالت بمثابة صندوق أسود مغلق غير مسموح لأى جهة رقابية أو غير رقابية بأن تقترب منها، وبالتالى هو خروج عن الخطوط الحمراء التى جرى العرف وليس القانون على عدم التعرض لها.

إن الجهود الحالية فى «محاربة الفساد» انصبت على ملاحقة الفاسدين فى مؤسسات مدنية مختلفة، وشهدنا مؤخرا ما جرى فى وزارة الصحة ومحافظة الإسكندرية، حين قام رجال الرقابة الإدارية بالقبض على موظفين متهمين بالرشوة واختلاس ملايين الجنيهات وقبلهم تم توقيف عشرات الموظفين بعضهم وزراء (وزير الزراعة السابق) بتهم فساد مختلفة.

إن التحدى الحقيقى، الذى لا يلغى محاربة الفاسدين، هو وضع منظومة قانونية متكاملة لمحاربة الفساد وهى قضية بالطبع تتجاوز دور الرقابة الإدارية لتصل إلى دور المجتمع (المغيب) وباقى مؤسسات الدولة المدنية (الغائبة أيضا)، كما لا يجب أن تكون المؤسسات التى تحارب الفساد خارج أى نظام للمحاسبة والشفافية، وأن تبادر من تلقاء نفسها باستدعاء جهات تحقيق مستقلة فى حال وجود قضايا ملتبسة مستها أو تتعلق بعملها.

الفساد منظومة مثل الإرهاب، ونحن فى الحالتين نحارب الفاسدين والإرهابيين ولا نحارب المنظومة التى تنتج الفساد أو الإرهاب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفساد منظومة الفساد منظومة



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:09 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

دواء مضاد للاكتئاب قد يساعد في علاج أورام المخ
  مصر اليوم - دواء مضاد للاكتئاب قد يساعد في علاج أورام المخ

GMT 20:39 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

يوسف الشريف خارج دراما رمضان 2025
  مصر اليوم - يوسف الشريف خارج دراما رمضان 2025

GMT 22:12 2019 الجمعة ,24 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 1.01% في أسبوع

GMT 21:55 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أبوريدة يبحث ترتيبات مباراة مصر وتونس مع وزير الشباب

GMT 22:51 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف نوع جديد من العناكب الذئبية جنوب إيران

GMT 21:31 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

حنان ترك غاضبة من حلا شيحة بعد خلعها الحجاب

GMT 07:06 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

أبوسعدة يكشف عن تنفيذ قطر حُكم تعويض أسر القتلى

GMT 18:35 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

آبل تستبدل بعض هواتف "iPhone X" التي تعاني من مشاكل

GMT 17:43 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

حمادة صدقي يعلن دراسة السنغال بشكل جيد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon