بقلم : عمرو الشوبكي
قرار تعيين الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشارا للرئيس لشؤون الصحة والوقاية قرار صائب، ويمثل خطوة فى اتجاه تشكيل خلية أزمة يقودها الرجل، وتعرض على الناس بعلمية وصرامة حجم انتشار الفيروس فى مصر، وسبل مواجهته خاصة بعد الأداء المحدود لوزيرة الصحة، والذى أفقد قطاعا من المصريين الثقة فى جهود الحكومة لاحتواء الفيروس.
وزيرة الصحة تنتمى فى أدائها لمدرسة داخل الدولة (تراجعت فى الفترة الأخيرة) تنحاز للشعارات والعموميات وتكره التفاصيل والأرقام واللغة العلمية (وهى نادرة فى عالم الطب)، وهناك مدرسة أخرى تضم أيضا وزراء ورجالات دولة عكسها تماما، فهم يهتمون بالمضمون لا اللقطة والشعارات، ولا يعتبرون كشف أوجه القصور من العيوب، ولا النقد تآمرا إنما إخفاء الأخطاء وغياب الشفافية هو الذى يمثل أكبر تهديد لتقدم هذا البلد ومواجهة الفيروس القاتل.
والحقيقة أن كورونا لم يظهر فى مصر نتيجة أخطاء سياسية، ومواجهته يجب أن تستبعد نظريات الوزيرة عن الشعب الجاهل وغير الواعى مثلما يجب أن تستبعد أيضا كل من يريد أن يصفى حسابات سياسية مستغلا وجود وباء عالمى يهدد مصر وكثيرا من دول العالم.
إذا قرر المستشار الصحى أن يخاطب الناس فلا يجب أن تكون تعليقاته عبر اتصالات برامج «التوك شو» إنما يجب أن يشكل فريقا علميا من القامات الكبيرة المختصة بالصحة العامة ومحاربة الأوبئة، وتضم معها نقيب الأطباء أو من ينوب عنه لتقديم تقارير حية عن الوضع الحقيقى فى مستشفياتنا وطرق الوقاية وحجم المشاكل والتحديات وهو ما غاب فى الفترة الماضية.
نعم يحتاج المصريون إلى تشكيل خلية أزمة يقودها رجل علم وإدارة مثل تاج الدين، وتضم عناصر من خارج بيروقراطية وزارة الصحة، وتعمل على تقديم خريطة حية لواقع الحالة الصحية والاستعدادات لمواجهة فيروس كورونا، كما أنها مطالبة بالإجابة عن أسئلة الواقع، ومنها ضمان وجود الواقيات الطبية فى كل المستشفيات والوحدات الصحية وهو أمر غير متوفر حتى اللحظة، كما يجب أن يكون هناك ضمان لعدم انقطاع المياه والكهرباء فى كل المستشفيات، خاصة خارج القاهرة، كما يجب أن يكون هناك تواصل يومى بين أعضاء خلية الأزمة والطواقم الطبية على الأرض لحل مشاكلهم أولا بأول، وأن يتابعوا التطور العلمى فى مسألة اكتشاف مضاد للفيروس بعيدا عن الكلام الدعائى، وأن يتواصلوا مع منظمة الصحة العالمية وفرعها فى القاهرة وكذلك نقابة الأطباء، ويضعوا تصورا للتعاقد مع أطباء من غير العاملين فى الحكومة وربما من خارج مصر إذا احتاج الأمر.
هناك تفاصيل أخرى يمكن أن تقوم بها أى خلية للأزمة فى حال تشكيلها، والخطوة الأولى هى التوافق على مبدأ تشكيلها، لتقدم تقريرا يوميا للشعب بالحالة الصحية بعيدا عن الشعارات، ومنطلقة من خطوة اختيار المستشار الصحى الجديد.