بقلم : عمرو الشوبكي
قرار جامعة دمنهور بفصل الطالب مصطفى شعبان لأنه تحدث فى تلفزيون الدولة عن وجود تكدس فى المدرجات كارثى، ويعكس عدم فهم لأبسط قواعد العمل التربوى والفرق بين الرأى والتحريض، وفيه قتل لكل المعانى الإيجابية المطلوب وجودها بين الطلاب من المبادرة والثقة فى النفس والروح النقدية.
البديهيات المعروفة التى ترددها الدولة كل يوم تؤكد على رفض الحديث فى أمورنا الداخلية على قنوات معادية أو محرضة وهو ما فعله الشاب الذى اختار القناة الأولى من التليفزيون المملوك للدولة، بما يعنى أن الاعتراض على التكدس وغياب التباعد الاجتماعى والتداعيات الصحية لأزمة كورونا جرى من خلال القنوات الشرعية ويجب أن يكون قضية النقاش الأولى فى البلد فى ظل جائحة تضرب الجميع.
مدهش أن تنتفض قيادة الجامعة على كلمتين فى التليفزيون الرسمى ولا تعرف الفرق بين تليفزيون الدولة الذى يجب أن يكون صوت الجميع وبين قنوات التحريض والكراهية، وأن الكلام والنقد من خلال المسار الشرعى يجب أن يكون مرحبًا به بل ويسعى إليه أى مسؤول لأنه يعنى أولا أنه ليس «على رأسه بطحه» لكى يخشى من كلمتين، وثانيا لأنه يحول أى نقد أو اعتراض من داخل النفوس إلى العلن حتى لا يترك فرصة لكى يخرج بشكل غير متوقع وفجائى، وأخيرا تكريس «لفضيلة النقاش العام» بمناقشة قضايا السياسات العامة وأزماتها من صحة وتعليم وخدمات وهى كلها قضايا تناقش فى مختلف النظم ديمقراطية وغير ديمقراطية وتشعر الناس بأنهم شركاء فى القضايا التى تمسهم حتى لو تركوا القضايا الكبرى لدوائر الحكم وصنع القرار. المدهش أن هناك نمطًا من المسؤولين تصور أن الإدارة الحازمة تعنى الفصل والعقاب التليفزيونى فكلنا نذكر التصرف الفج لمحافظ الدقهلية مع مديرة مدرسة ومربية فاضلة، وهو يطالبها بتنظيف الشباك، ونسى أو تناسى أن الإدارة الحازمة لا تعنى إهانة الناس على الهواء، إنما معرفة أسباب القصور فى أى منشأه من نقص إمكانات وأفراد وأى سوء أداء مركزى وحله أولا ثم توقيع العقاب على المخالفين بعدها.
مثل هذه الحوادث التى تكررت فى الفترة الأخيرة سواء مع أطباء ومديرى مستشفيات أو مع مديرى منشآت تعليمية دون غيرهم لم يتواكب معها أى نقاش حول المشاكل الموجودة وسبل إصلاحها.
وإذا تتبعنا ما جرى فى جامعة دمنهور منذ شهور لن نندهش من تصرفها تجاه الطالب، فنفس رئيس الجامعة هو الذى قام بذبح عجلين على أسوار الجامعة لمحاربة غلاء أسعار اللحوم، وهو الذى تصور أمام «برطمانات عسل» وادعى أنه يمنع الإصابة بكورونا.
حين يتصور رئيس جامعة أن هذه هى رسالة الجامعات ويترك ليمارس مثل هذه التصرفات، فنصبح أمام مشكلة فى الاختيار والأداء وعلينا أن نتوقع مزيدًا من الأخطاء وليس فقط خطيئة قرار فصل الطالب مصطفى شعبان.