يوم المرأة العالمى هو يوم للتضامن مع المرأة ودعوة للمساواة والعدالة فى عالم ميز لفترات طويلة بين الرجل والمرأة، وأبقى المساواة لفترات طويلة حاضرة كشعار لم يطبق على أرض الواقع.
صحيح هناك دول كثيرة وصلت فيها المرأة لمكانة مرموقة، وهناك دول أخرى تحاول أن تصل لتلك المكانة، ودول ثالثة مارست تمييزا صارخا ضد المرأة حتى منعتها من قيادة سيارتها وحاصرتها وفرضت قيودا على حركتها تارة باسم الدين، وتارة أخرى باسم العادات والتقاليد.
والمؤكد أن المجتمعات الغربية، خاصة البلاد الاسكندنافية، وصلت فيها المساواة بين الرجل والمرأة إلى درجة كاملة، وتبوأت فيها المرأة كل الوظائف العليا، فهى رئيسة ووزيرة وقاضية ونائبة وجندية وضابطة، وشاركت الرجل فى تحمل كل صعاب الحياة واقتسمت معه «الحلوة والمرة»، وأنصفتها قوانين الزواج والطلاق.
لم نعد نجد فى دولة القانون امرأة تعمل داخل بيتها وتربى أطفالها (هو بالتأكيد عمل) وينجح زوجها فى عمله خارج البيت ويحقق ثراء ماليا كبيرا، ثم يتركها ليتزوج بأخرى ولا يعطيها إلا الفتات مثلما يحدث فى معظم المجتمعات العربية، إنما هو مجبر فى دولة القانون أن يقتسم معها كل ما حققه من ثراء ولا يكتفى بدفع نفقة أو مبلغ مالى تحت حجة أن هذا النجاح بمجهوده.
كثير من أصدقائى العرب أثناء دراستنا فى فرنسا تزوجوا من فتيات عربيات جئن معهم من بلادنا، وحققوا نجاحات فى عملهم وأموالا كبيرة، ثم تزوجوا بفتيات أخريات أصغر منهم بعشرين عاما أو أكثر، وتصوروا أن زوجاتهم سيسكتن ويقبلن بما سيعطيه لهن «أبوالعيال»، وأنهن لن يطالبن بحقوقهن، ولكنهم اكتشفوا أن القانون أعطاهن حقوقهن، وأنهن اقتسموا معهم كل أموالهم التى جنوها.
فى مصر هناك نماذج كثيرة لعدم المساواة بين الجنسين، وهناك نماذج أخرى مشرقة تقدمها المرأة العاملة والمعيلة تكسر الصورة النمطية من خطاب المساواة بين الجنسين الذى تختزل فيه بعض الجمعيات النسوية قضية المرأة، فى حين أن الواقع يقول إن معركة المرأة مع الواقع الاجتماعى والقانون الغائب أكبر بكثير من معركتها مع الرجل.
فى مصر هناك 12 مليون امرأة معيلة، ما بين أرملة ومطلقة وزوجة لمريض بمرض مستعصٍ، وزوجة لعاجز، وزوجة لسجين، وزوجة مهجورة العائل. لتصبح المرأة مسؤولة عن أسرة بأكملها، أياً كان عدد أفراد هذه الأسرة. بجانب سيدات يعمل أزواجهن أعمالاً موسمية، أو أن يكون من دون عمل «عاطل»، والمسؤولية لا تقع على عاتق الزوجة وحدها أحياناً، ولكن على الفتيات اللاتى لم يتزوجن، ولكنهن مسؤولات عن إعالة أسرهن، وهذا السبب يرجع لغياب العائل الأساسى عنها وهو الأب، سواء كان بسبب الوفاة، أو المرض، أو الإعاقة، أو الإهمال.
وأكدت إحصائية حديثة للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أن نسبة المرأة المعيلة بلغت 34%، وأن أعلى نسبة كانت فى الأرامل وتليها المطلقات، وأنه توجد نحو 4 ملايين سيدة فى مصر ليس لديهن بطاقات رقم قومى.
وتنتشر ظاهرة الإعالة النسائية للأسر فى دول العالم المتقدم والنامى على السواء، ففى أوروبا وأمريكا الشمالية تقدر نسبتهن بحوالى 20٪، وعلى المستوى العربى، فإن الأسر التى تعولها المرأة تصل إلى 11٪ فى المغرب، و22.6٪ فى كل من اليمن والسودان، و30٪ فى لبنان، وبحسب إحصاءات الأمم المتحدة فإن نسبة هؤلاء النساء فى العالم كله 42.9% من أسر العالم، وأن 70% من الأسر الأحادية فى العالم تديرها نساء و30% فقط يديرها رجال، سواء أرمل أو مطلق أو غير متزوج.
نسبة 70% من الأسر الأحادية فى العالم تديرها نساء، رقم عالمى وإنسانى له ألف دلالة، ويعيد الاعتبار لحقيقة دور المرأة العاملة والمعيلة فى العالم أجمع بعيدا عن أى شعارات منمقة.
تحية للمرأة التى تعمل بجد داخل بيتها وخارجه، وتحية أكبر للمرأة المعيلة، وتحية لكل دولة أنصفت المرأة بالقانون لا الشعارات.
المصدر : صحيفة المصري اليوم