توقيت القاهرة المحلي 00:03:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر والاستيطان

  مصر اليوم -

مصر والاستيطان

بقلم : عمرو الشوبكي

أن تتقدم بمشروع قرار فى مجلس الأمن يدين سياسة أى دولة مؤثرة فى العالم أمر له حسابات خاصة، فما بالنا لو كانت الدولة المدللة والاستثناء من القانون الدولى، أى إسرائيل ؟! فهذا أمر يجب أن يكون محسوباً جيداً لأنه من غير المتصور أن تعمل على إدانتها دون أن تحسب التبعات الكثيرة التى ستترتب على قرار الإدانة إذا صدر من مجلس الأمن.

كانت مصر قد تقدمت بالفعل بقرار يدين الاستيطان الإسرائيلى، وبعدها تلقى الرئيس السيسى اتصالاً من نظيره الأمريكى ترامب، تردد أنه طلب منه أن تؤجل مصر تقديم هذا القرار حتى يتسنى لإدارته مباشرة مهام عملها يوم 20 يناير المقبل.

وفى حال صحة ذلك، يظل هذا الموقف تراجعا «غير محمود» وصادما لكثيرين حتى لو صوتت مصر لصالح القرار بعد أن قدمته دول أخرى وامتنعت أمريكا عن استخدام حق الفيتو.

والحقيقة أن التخبط المصرى فتح باب التكهنات والهجوم، وأرجعه البعض إلى أن الحسابات المصرية كانت من الأصل شكلية، فقد تصورت أن أمريكا ستستخدم حق الفيتو، وبالتالى لن يخرج القرار للنور وتكون بذلك سجلت «لقطة» لصالح القضية الفلسطينية لا تكلف أى تبعات.

أما الحسبة الثانية فهى تقول العكس، أى أن مصر كانت تعرف مسبقا أن أمريكا لن تستخدم هذه المرة حق الفيتو وأنها كانت ترغب أن تدعم الحق الفلسطينى مثلما فعلت مرات عديدة، ولكنها تعرضت لضغوط واردة فى السياسة من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة التى قدمت لمصر تصورا مخالفا لتحركها أقنعتها به، خاصة مع حديث البعض عن وجود مؤشرات (التى لا نراها جدية) أنها ستكون أفضل فى علاقتها بمصر من إدارة أوباما، مما دفعها لتغيير موقفها والتراجع عن قرارها.

وتبدو هذه الحسبة فيها كثير من الوجاهة، خاصة أنه من الصعب قبول أن مصر لم تكن على علم باحتمال عدم استخدام الولايات المتحدة حق الفيتو خاصة فى ظل تدهور العلاقة بين إدارة أوباما وإسرائيل، ورغبة الأول فى توجيه صفعة لنتنياهو حتى لو كانت رمزية.

والواقع أن أسوأ ما فى تراجع مصر عن مشروعها أنه خلط بين حسابات السياسة الضيقة والمتغيرة، وبين الموقف المبدئى والأخلاقى، فقرار ضد العنصرية أو ضد الاستيطان أو ضد دولة احتلال له مردود هائل على المجتمعات ويصنع صورة ذهنية عن البلد الذى يقف وراءه، وقد يعطيه مصداقية واحتراماً أمام العالم بسبب وقوفه مع الحق يستطيع أن يجنى ثماره السياسية والاقتصادية حتى مع الدول التى خالفته الرأى.

إن أسوأ شىء فى السياسة الخارجية أن تبدو متقلبا ومتخبطا وعاجزا عن أن تدافع عن موقفك فتفقد ثقة أصدقائك وحلفائك قبل خصومك.

أن تحسب مصر ثمن أن تقدم قرارا لإدانة الاستيطان الإسرائيلى أمر لن يختلف عليه أحد، وأن تقول إنها فى هذا التوقيت لا تقدر على تحمل تبعات قيادتها قراراً بالإدانة- أمر سيقبله الجميع إلا المزايدين، أما حين تقرر التقدم بمشروع قرار يدين الاستيطان فهذا معناه أن الطلقة خرجت ويجب ألا تعود لأن تراجعها مثلما حدث أساء لها وأظهرها فى مظهر تردد وضعف لا يليقان.

كل الحجج الخائبة من نوع: ما الذى سيفعله قرار مجلس الأمن بإسرائيل، الرد عليها: ولماذا فرحنا بأن أصبحنا أعضاء فى مجلس الأمن واعتبرناه انتصاراً؟!

التقدم بمشروع قرار يدين الاستيطان الإسرائيلى والتراجع عنه خطيئة كبرى، وتخبط لا أعرف متى نتخلص منه.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر والاستيطان مصر والاستيطان



GMT 19:18 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

أمريكا والشرع.. ‎تناقض أم مصالح؟!

GMT 19:17 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

صلاح رقم 11 ومرموش 59!

GMT 06:50 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وإني لحُلوٌ تعتريني مرارةٌ

GMT 06:48 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 06:45 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 06:43 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 06:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 06:40 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon