توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أردوغان وأوروبا

  مصر اليوم -

أردوغان وأوروبا

بقلم : عمرو الشوبكي

خلاف تركيا مع أوروبا لا يمكن إرجاعه إلى الصراع التاريخى القديم بين الإمبراطورية العثمانية وجيرانها الأوروبيين بالتركيز على بعده الدينى والثقافى، كما يحاول أن يروج أردوغان وإخوانه، فالمؤكد أن الخلاف التركى- الأوروبى الحالى يرجع إلى عدة عوامل، أبرزها توقف تجربة التحول الديمقراطى عقب التحولات التى شهدها النظام السياسى التركى فى اتجاه النظام الرئاسى ليس باعتباره النظام الأفضل (كما نرى) إنما لكونه سيكرس سلطة أردوغان المطلقة وسيعطيه الحق فى البقاء 22 عاما فى السلطة، ليضاف بذلك رقم جديد فى قائمة حكام الاستبداد فى الشرق الأوسط الذين ثارت شعوبهم عليهم، ومع ذلك مازال أردوغان يعطى دروسا لدول المنطقة فى الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وهو الذى مارس أكبر عملية تنكيل بالمعارضة فى تركيا منذ الحكم العسكرى.

صدام تركيا مع هولندا وألمانيا هو صدام فيه من الصلف والعجرفة الأردوغانية الكثير، فاتهام هذه الدول بالنازية والفاشية هو اتهام مضحك لأنها بالفعل أحدثت قطيعة مع الفاشية والنازية حتى لو صعدت فيها العنصرية فى مواجهة الأجانب وليس شعوبها، وتحولت بالفعل لنظم ديمقراطية تعانى من مشاكل بالطبع ولكنها لا يمكن أن تقارن بنظام أردوغان.

والمدهش والصادم هو الطريقة التى يتعامل بها أنصار أردوغان مع التعديلات الدستورية التى يروج لها فى تركيا وأوروبا، فهم يحولون تسلطه إلى إيجابيات، ويخلطون مع سبق الإصرار والترصد بين إنجازاته الكبيرة التى حققها فى السنوات العشر الأولى من حكمه وبين هلاوسه وقمعه لكل مخالف له فى الرأى بعد أن بقى 15 عاما فى السلطة، وينوى البقاء 22 عاما وفق دستوره الجديد، ويمكنه حاليا أن يعصف بأى دستور وأى قانون حتى يبقى بصورة أبدية فى السلطة.

لا أحد من إخوان أردوغان فى تركيا أو أوروبا يشير إلى خطأ واحد ارتكبه، ويعتبرون الرجل اتخذ إجراءات قمعية ضد انقلابيين خانوا الوطن والشعب، وينسون أو يتناسون إجراءاته القمعية بحق كل ألوان الطيف المعارض حتى وصل الأمر إلى اعتقال 42 صحفيا فى يوم واحد، وفصل حوالى 15 ألف موظف فى التعليم، و2700 قاضٍ.

هل يجرؤ مواطن واحد من أنصار أردوغان وإخوانه أن يعترض ولو على جانب من سياساته؟ للأسف لا، فالجميع يتحدثون كصوت واحد ولون واحد ولغة واحدة، ويبررون كل إجراءاته القمعية ويدافعون عنها ولا ينتقدونها ولو «بهمسة عتاب»، أو ببيان شارد.

نظام أردوغان يعتبر أن قمعه لخصومه مبرر، ولكن منع أى نظام آخر أنصاره من التظاهر لدعمه هو فاشية ونازية، فالمؤتمرات التى مُنعت فى أوروبا هى لمهاجرين أتراك ضيوف على بلاد أخرى ومن حق هذه البلاد، مثلما يكرر أردوغان كل يوم، وفق مفهوم السيادة الوطنية اتخاذ ما هو مناسب لها من إجراءات لحماية أمنها وشعبها، فأردوغان لا يسمح لمواطنيه الأتراك بالتظاهر ضده ويغلق الصحف ويسب المعارضين ويعتقلهم ويرغب فى البقاء الأبدى فى السلطة بصلاحيات مطلقة، ثم يتهم كل من يعارضه داخل تركيا وخارجها إما بالتآمر أو الفاشية.

لقد دخل أردوغان مرحلة الاستبداد الشرقى بأريحية كاملة، ويصر أن يحكم بلدا كبيرا وعظيما مثل تركيا بأساليب النظم المنقرضة، ويحول رغبته المحمومة فى البقاء الأبدى للسلطة إلى قضية نضال ضد الاستعمار وأوروبا مثلما يفعل كثير من الحكام العرب.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أردوغان وأوروبا أردوغان وأوروبا



GMT 04:50 2024 الإثنين ,11 آذار/ مارس

غزة ومعضلة الأمن الإقليمي

GMT 00:00 2023 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرق الأوسط.. هل اقتربت القارعة؟

GMT 01:23 2023 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دور ذهبي

GMT 01:10 2023 الإثنين ,21 آب / أغسطس

نافذة استقرار في بحر عاصف

GMT 03:04 2023 الأربعاء ,31 أيار / مايو

متى تتغير النظم الدولية والإقليمية؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon